عنوان الفتوى : واجبات وسنن ومستحبات الصلاة وسجود السهو في المذهب المالكي
هل لكم أن تفصلوا سجود السهو في المذهب المالكي دون شروح الفقهاء؛ فإنه يستشكل عليّ الأمر؟ فبينوا لنا أقسام الواجب، والمؤكد، والسنة التي ليس فيها سجود سهو إن تركت عمدًا أو سهوًا، وليس هناك كراهة بأمثلة؛ حتى يتيسر علينا الفهم، كقولكم: الواجبات كذا وكذا، وحكمه: كذا. والسنن المؤكدة كذا وكذا، وحكمها: كذا..؛ حتى يتيسر على الذي يكاد يستطيع القراءة الفهم. وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن واجبات الصلاة في المذهب المالكي، وتسمّى فرائض، وأركانًا أيضًا، هي ما يلي:
1- النية (أي: نية الصلاة المعينة).
2- تكبيرة الإحرام.
3- القيام لها في الفرض.
4- الفاتحة على الإمام، والفذ.
5- القيام لها.
6- الركوع.
7- الرفع منه.
8- السجود على الجبهة.
9- الجلوس بين السجدتين.
10- السلام.
11- الجلوس للسلام.
12- الاعتدال.
13- الطمأنينة.
14- ترتيب الفرائض.
15- متابعة المأموم لإمامه في الإحرام، والسلام.
16- نية الاقتداء على المأموم مطلقًا، وعلى الإمام في أربع مسائل: في صلاة الخوف على هيئتها المعروفة، وفي الجمع، وفي الجمعة، وفي الاستخلاف.
قال صاحب المرشد المعين ناظمًا هذه الفرائض:
فَرائِضُ الصَّلاَةِ سِتَّ عشَرَهْ
شُرُوطُها أَرْبَعَةٌ مُفْتَقِرهْ
تكبيرة الإحْرامِ والْقِيام
لَها وَنِيَّةٌ بِها تُرام
فاتِحَةٌ مَعَ الْقيام والرُّكُوعْ
والرَّفْعُ منه والسُّجُودُ بالخُضُوعْ
والرَّفْعُ مِنْهُ والسَّلاَمُ والْجُلُوسْ
لَهُ وتَرْتِيبُ أَدَاءٍ في الأُسُوسْ
والاِعْتِدالُ مُطْمَئِنا بالتِزامْ
تَبَع مَامُومٌ بإِحْرَامٍ سَلاَم
نِيَّتُهُ افْتِدا كَذا الإمامُ في
خَوْفٍ وَجَمْعٍ جُمعَةٍ مُسْتَخْلَفٍ.
وأما السنن المؤكدة، فهي ثمان:
1- قِرَاءَة مَا سوى الْفَاتِحَة.
2- الجهر فيما يجهر فيه.
3- السر فيما يسر فيه.
4- التَّكْبِير مرَّتَيْنِ فَأكْثر، سوى تَكْبِيرَة الْإِحْرَام.
5- التَّحميد مرَّتَيْنِ فَأكْثر.
6- التَّشَهُّد الأول.
7- الْجُلُوس لَهُ.
8- التَّشَهُّد الثَّانِي فِي الصَّلَاة الثلاثية، وَهِي الْمغرب، أَو الرّبَاعِيّة -كالظهر-.
وهذه السنن المؤكدة هي التي يجمعها قول الناظم:
سينان شينان كذا جيمان
تاءان عد السنن الثماني.
أما السنن غير المؤكدة، فهي كالتالي:
1- قراءة سورة بعد الفاتحة في الصبح، والجمعة، والأوليين من الرباعية، والثلاثية.
2- والقيام لها.
3- التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام، أي: كل تكبيرة سنة مستقلة، إلا تكبيرة الإحرام؛ فإنها من الواجبات -كما تقدم-.
4- قول: سمع الله لمن حمده، حال الرفع من الركوع للإمام والفذ.
5- لفظ التشهد الذي هو: (التحيات لله..) إلخ.
6- كل جلوس للتشهد.
7- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير.
8- السجود على اليدين، والركبتين، وأطراف الرجلين.
9- رد المقتدي السلام على إمامه، وعلى من على يساره، إن كان على يساره أحد.
10- الزائد على الطمأنينة الواجبة.
11- الجهر بتسليمة التحليل فقط.
12- الإنصات للإمام فيما يجهر فيه.
13- السترة للإمام والفذ، إن خشيا مرورًا.
14- إقامة الصلاة لكل فرض -وقتيًّا كان أو فائتًا-، وهذا للرجل. وأما للمرأة فإن أقامت سرًّا، فحسن.
15- الأذان للجماعة الذين يطلبون غيرهم في الفرض الذي حضر وقته.
16- قصر الصلاة الرباعية -وهي صلاة الظهر، والعصر، والعشاء- لمن سافر مسافة أربعة برد، فأكثر.
وقد نظم ابن عاشر المالكي السنن المؤكدة وغيرها بقوله:
سُنَنُها السُّورَةُ بَعْدَ الْواقِيَهْ
مَعَ الْقِيام أوَّلاً والثّانِيَهْ
جَهْرٌ وسِرٌ يِمَحَلٍّ لَهُما
تَكْبيرُهُ إلاّ الّذِي تَقدَّما
كُلُّ تَشَهُّدٍ جُلُوسٌ أَوَّلُ
والثّانِي لا ما للسَّلامِ يَحْصُلُ
وسَمِع الله لِمنْ قدْ حَمِده
في الرَّفْعِ منْ رُكُوعهِ أوْرَدَه
الْفَذُّ والإمامُ هذا أَكِّدا
والْباقِي كالمنْدوبِ في الْحُكْمِ بَدا
إقامة سُجُودُهُ على الْيَديْن
وطَرفُ الرِّجْليْنِ مِثْلُ الركْبتَيْنْ
إنْصاتُ مُقْتَدٍ بِجَهْرٍ ثُمَّ ردْ
عَلى الإِمامِ والْيَسارِ إنْ أَحَدْ
بهِ وزائدُ سُكُونٍ لِلْحُضورْ
سُتْرَةُ غيْرِ مُقْتَدٍ خافَ الْمُرورْ
جَهْرُ السَّلامِ كَلِمُ التَّشَهُّدِ
وأنْ يُصلِّيَ على محمَّدٍ
سُنَّ الأذانُ لِجماعةٍ أَتَتْ
فَرضاً بِوقْتِه وَغيْرًا طَلَبَتْ
وقَصْرُ مَن سافَرَ أَربَع بُرُدْ
ظُهْرًا عِشا عصْرًا إلى حِين يَعُد...
وأما المستحبات، فهي:
1- التيامن بالسلام.
2- قول: آمين إثر ختم الفاتحة.
3- قول: ربنا ولك الحمد للمأموم والفذ، دون الإمام.
4- القنوت في الصبح.
5- الرداء.
6- التسبيح في الركوع، والسجود.
7- سدل اليدين، أي: إرسالهما لجنبيه.
8- التكبير حالة الشروع في أفعال الصلاة، إلا في القيام من الجلسة الوسطى، فلا يكبر حتى يستوي قائمًا.
9- عقد الأصابع الثلاث من اليد اليمنى في التشهد -وهي الوسطى، والخنصر، والبنصر-، وبسط ما عداها -من السبابة، والإبهام-.
10- تحريك السبابة في التشهد.
11- أن يباعد الرجل في سجوده بطنه عن فخذيه، ومرفقيه من ركبتيه.
12- صفة الجلوس للتشهدين، وبين السجدتين: بأن يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، وينصب قدمه اليمنى على صدرها، ويجعل باطن الإبهام على الأرض، لا ظاهره.
13- تمكين اليدين من الركبتين في الركوع.
14- أن ينصب ركبتيه في الركوع.
15- قراءة المأموم في الصلاة السرية.
16- وضع اليدين في السجود حذو الأذنين.
17- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام.
18- تطويل السورتين في الركعة الأولى، والثانية من صلاة الصبح، والظهر، وتوسيطهما في الركعتين الأوليين من صلاة العشاء، وتقصيرهما في الركعتين الأوليين من العصر، والمغرب.
19- تقصير سورة الركعة الثانية عن سورة الركعة الأولى من كل الصلوات.
20- تقصير الجلسة الوسطى.
21- تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوي إلى السجود، وتأخيرهما عن ركبتيه في قيامه.
22- الأذكار المأثورة دبر الصلوات .
وقد نظم ابن عاشر رحمه الله المندوبات بقوله:
مندوبها تيامن مع السلام
تأمين من صلى عدا جهر الإمام
وقول: ربنا لك الحمد عدا
من أم، والقنوت في الصبح بدا
رداً وتسبيح السجود والركوع
سدل يد تكبيره مع الشروع
وبعد أن يقوم من وسطاه
وعقده الثلاث من يمناه
لدى التشهد وبسط ما خلاه
تحريك سبابتها حين تلاه
والبطن من فخذ رجال يبعدون
ومرفقا من ركبة إذ يسجدون
وصفة الجلوس تمكين اليد
من ركبتيه في الركوع وزد
نصبهما قراءة المأموم في
سرية وضع اليدين فاقتفي
لدى السجود حذو أذن وكذا
رفع اليدين عند الاحرام خذا
تطويله صبحًا وظهرًا سورتين
توسط العشا وقصر الباقيين
كالسورة الأخرى كذا الوسطى استحب
سبق يد وضعا وفي الرفع الركب.
وأما بخصوص ما يترتب على ترك شيء من هذه المذكورات، فنقول:
من ترك واجبًا من صلاته -مثل الركوع، أو الرفع منه، أو السجود- عمدًا؛ بطلت صلاته.
وإن تركه سهوًا؛ تداركه، ما لم يفت محل تداركه.
فإن فات محله؛ ألغى الركعة، وقضاها، إن كان ذلك بقرب.
وإن نقص سنة مؤكدة، كجلسة الوسطى، أو تكبيرتين فأكثر عمدًا؛ فلا سجود عليه.
واختلف هل تبطل الصلاة بتركها؛ لتهاونه بصلاته أم لا؟ وقيل: يسجد لها سجود السهو.
ومن نقص سنة غير مؤكدة -كتكبيرة واحدة، أو تسميعة واحدة- عمدًا أو سهوًا؛ فلا شيء عليه.
وكذلك الحال فيمن ترك فضيلة -كرفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، أو قول: آمين، أو قول: ربنا ولك الحمد- عمدًا أو سهوًا؛ فلا شيء عليه، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: وأما النقصان فينقسم إلى نقص ركن، أو سنة، أو فضيلة:
فإن نقص ركنًا عمدًا؛ بطلت صلاته.
وإن نقصه سهوًا، جبره، ما لم يفت محله.
فإن فات؛ ألغى الركعة، وقضاها، إلا النية، وتكبيرة الإحرام.
وإن نقص سنة ساهيًا؛ سجد لها.
وإن نقصها عمدًا؛ سجد لها أيضًا؛ وفاقًا للشافعي. وقال ابن القاسم: لا شيء عليه؛ وفاقًا لأبي حنيفة. وقيل: تبطل لتهاونه..
وإن نقص فضيلة؛ فلا شيء عليه. انتهى.
وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل عند قول خليل -رحمه الله-: بنقص سنة مؤكدة:
وقوله: بنقص سنة مؤكدة، يعني أن السجود إنما يسن إذا ترك سنة مؤكدة سهوًا.
وأما إذا ترك فريضة، أو مستحبًا، أو سنة غير مؤكدة، أو ترك سنة مؤكدة عمدًا؛ فلا سجود في شيء من ذلك..
فأما الفرائض؛ فلا بد من الإتيان بها.
وأما السنن غير المؤكدة، والمستحبات؛ فإن سجد لها؛ بطلت الصلاة -كما سيأتي-.
وأما السنن المؤكدة إذا تركها عمدًا؛ فلا سجود أيضًا.
واختلف هل تبطل الصلاة بتركها أم لا..
وإن تركها سهوًا؛ سجد لها. انتهى.
والله أعلم.