تفسير: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
تفسير: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)♦ الآية: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: الأنعام (125).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإِسلام ﴾ يوسِّعْ قلبه ويفتحه ليقبل الإِسلام ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حرجًا ﴾ شديد الضِّيق ﴿ كأنما يصَّعد في السماء ﴾ إذا كُلَّف الإِيمان لشدَّته وثقله عليه ﴿ كذلك ﴾ مثل ما قصصنا عليك ﴿ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ ﴾ العذاب ﴿ على الذين لا يؤمنون ﴾.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ﴾، أَيْ: يَفْتَحْ قَلْبَهُ وَيُنَوِّرْهُ حَتَّى يَقْبَلَ الْإِسْلَامَ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرْحِ الصَّدْرِ، قال: «نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنْفَسِحُ»، قِيلَ: فَهَلْ لِذَلِكَ أَمَارَةٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ»، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا ﴾، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «ضَيْقًا» بِالتَّخْفِيفِ هَا هُنَا وَفِي الْفُرْقَانِ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ: هَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، ﴿ حَرَجًا ﴾، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو بَكْرٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ أَيْضًا مِثْلُ: الدِّنَفِ وَالدَّنَفِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْحَرَجُ بِالْفَتْحِ، الْمَصْدَرُ كَالطَّلَبِ، وَمَعْنَاهُ ذَا حَرَجٍ، وَبِالْكَسْرِ الِاسْمِ وَهُوَ أَشَدُّ الضِّيقِ، يَعْنِي: يَجْعَلْ قَلْبَهُ ضَيِّقًا حَتَّى لَا يَدْخُلَهُ الْإِيمَانُ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَيْسَ للخير فيه منفذ.
قال ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ اشْمَأَزَّ قَلْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ شيء مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ارْتَاحَ إِلَى ذَلِكَ.
وَقَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَسَأَلَ أَعْرَابِيًّا مِنْ كِنَانَةَ: مَا الْحَرِجَةُ فِيكُمْ؟ قَالَ: الْحَرِجَةُ فِينَا الشَّجَرَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تَصِلُ إِلَيْهَا رَاعِيَةٌ وَلَا وَحْشِيَّةٌ وَلَا شَيْءٌ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، ﴿ كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ﴾، وقرأ ابن كثير: «يصعد» بالتخفيف وسكون الصاد، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ «يَصَّاعَدُ» بِالْأَلِفِ، أَيْ: يَتَصَاعَدُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ يَصَّعَّدُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالْعَيْنِ، أَيْ: يَتَصَعَّدُ، يَعْنِي: يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ كَمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ صُعُودُ السَّمَاءِ.
وَأَصْلُ الصُّعُودِ الْمَشَقَّةُ، وَمِنْهُ قوله تعالى: ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 17]، أَيْ: عَقَبَةً شَاقَّةً.
﴿ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّجْسُ هُوَ الشَّيْطَانُ، أَيْ: يُسَلَّطُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْمَأْثَمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرِّجْسُ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: الرِّجْسُ الْعَذَابُ مثل الرجز، وَقِيلَ: هُوَ النَّجَسُ، رُوِيَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الرّجس النّجس»، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الرِّجْسُ اللَّعْنَةُ فِي الدنيا والعذاب في الآخرة.
تفسير القرآن الكريم