عنوان الفتوى : معاملة البنت لأبيها الذي يسب الدين
بسم الله الرحمن الرحيم أريد أن أسأل عن سب الدين إذا سب أحدهم الدين وهو محرم لابنته، فهل لا يجوز على ابنته الظهور عليه لأنه كفر وماذا على ابنته أن تفعل إذا سب الدين أمامها خاصة أنه يصعب عليها الإنكار؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي يسب الدين مرتد كافر خارج من الملة بإجماع أهل العلم، وتشمله أحكام الردة إلا أن يرجع إلى الإسلام ويتوب إلى الله تعالى، وقد نقل ابن عبد البر في (التمهيد) عن إسحاق بن راهويه أنه قال: وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل، أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبيا من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر.
وراجعي تفصيل ذلك في الفتاوى التالية: 133، 12447، 23340، 11652، 17875، 9880.
وأما معاملة أبنائه له، فهي معاملة الابن لأبيه الكافر، والتي ذكرها الله تعالى في قوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14-15}.
فيجب عليك مصاحبته بالمعروف وصلته والإحسان إليه، ويجب عليك أيضاً دعوته إلى التوبة من هذا الذنب العظيم، الذي إذا مات عليه دون توبة، فإنه هالك لا محالة، لأن الكافر إذا مات على كفره فهو خالد مخلد في جهنم لا يخرج منها أبداً، نسال الله السلامة والعافية، وليكن نصحك له بلطف ولين، وتخيري الألفاظ الحسنة التي تظهر شفقتك وخوفك عليه من العذاب، وليكن لك أسوة حسنة في كيفية دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 7947.
وأما الظهور أمامه، فيجوز لأنه محرم لك، ولا يؤثر في ذلك كونه قد كفر بسبه الدين، لأنه لا فرق في أحكام المحرمية بين المسلم والكافر، إلا أن يكون فاجراً يخشى من اعتدائه على عرض محارمه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9863 .
والله أعلم.