عنوان الفتوى : غرس الأرض وزرعها بغير إذن الوارث

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله الرحمن الرحيم نرجو أثابكم الله إجابة هذه المسألة: توفي عن ذكر وأنثيين وترك أرضاً واضحة الحدود، تزوجت الأنثيان وتركتا الأخ مقيماً في تلك الأرض، بعد سنوات توفي الأخ وترك زوجته وخمسة أولاد. مارس هؤلاء أعمال فلاحة تلك الأرض زراعةً وغراساً وعادت عليهم بالنفع المادي بيعاً واستهلاكاً، بعد أكثر من عشرين عاماً طالب الأبناء قسمة الأرض بينهم وبين عمتيهم معلقين ذلك على كون أن لهم - فوق نصابهم الشرعي وهو النصف مع أمهم – ما يسمى بآثار حق المغارسة والتي مناطها أيلولة نصف نصيب عمتيهم إليهم جراء غرسهم الأرض، أو على الأقل قبضهم ثمن الأشجار (الزيتون) التي ستكون في نصيب العمتين بعد القسمة لكونهم هم من غرسها. فما هو حقهم الشرعي، من تبنك الناحيتين، وهل تجري هنا قاعدة الغنم بالغرم بحسبان أن الأرض تركت لهم كل تلك الفترة على سبيل التسامح ولم ينشأ أي اتفاق بشأن مغارستها سواء كان صريحاً أو ضمنياً؛ كما لم يحصل مطلقاً أن أعطي للعمتين ثمار أية غلة مما أنتجتها تلك الأرض طوال تلك السنين. وفقكم الله إلى ما فيه خير الأمة

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحق الشرعي للأولاد وأمهم في تلك الأرض هو نصفها، ثمنه للأم والباقي للأولاد، لأن ذلك النصف هو نصيب المتوفى من تلك الأرض، وأما النصف الآخر فهو للعمتين أختي الميت، وقد بينا في الفتوى رقم: 35486 حكم تصرف أحد الورثة في نصيب الآخرين بإذنهم أو دونه.

وخلاصة القول في ذلك أنه إذا كان سكوت العمتين لتلك الفترة وعدم مطالبتهما بحقهما وقيام الأبناء بالغرس في الأرض على مرأى ومسمع منهما ولم يكن لهما عذر في ذلك السكوت فإنه يعتبر إذنا ضمنيا باستخدامها، وبناء عليه، فلا بد من دفع قيمة الشجر الكائن بحقهما في الأرض إلا إذا تنازل الابنان وتركا المطالبة بالعوض عنه ، هذا على اعتبار أن سكوتهما إقرار وإذن.

وأما إذا كان هنالك مانع من المطالبة بحقهما حياء أو عرفا فلا يعتبر سكوتهما إذنا، وبناء عليه فالقول قولهما، إما أن تدفعا قيمة الشجر ويبقى بأرضهما وتكون القيمة حينئذ قيمة شجر مجتث لا قائم كما قال العلماء، وإن شاءتا  نزع الأولاد الشجر عن أرضهما فلهما ذلك، لأن فعل الأولاد يعتبر تعديا وتصرفا في حق الغير دون إذنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .. وليس لعرق ظالم حق. أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله. قال أبو عيسى والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، والعرق الظالم هو الرجل يغرس في أرض غيره.

وننبه الأبناء هنا إلى أنه لا ينبغي لهم أن يتنكروا لجميل العمتين، فقد سكنتا كل تلك الفترة ولم تطالبا بحق ولا ثمرة، والمغارسة تقتضي أن يأخذ صاحب الأرض نسبة من الثمرة، وهما لم تأخذا أية ثمرة فهي عرية منهما إن كانتا أذنتا أو تعد على حقهما إن كانتا لم تأذنا، وقد قال صلى الله عليه وسلم من صنع إليكم معروفا فكافئوه. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني رحمه الله.

والله أعلم.