عنوان الفتوى : حكم بيع الأجير لشركة أخرى
سؤالي فيه بعض الإطالة لتوضيح المسألة وأرجو منكم إفادتي سؤالي يدور عن شخص عمل لسنوات طويلة تناهز خمسة عشر عاما في شركة كان يتقاضى راتبا أقل من ما إذا عمل في شركة أخرى لكن للأمانة كان العمل مع هذه الشركة يريحه ومن ثم تم الاتفاق مع صاحب الشركة وشركة أجنبية بأن يعمل هذا الشخص مع الشركة الأجنبية لصالح شركته الأم واكتشف ملحقا بأن صاحب الشركة الأم يتقاضى عليه أربعة أضعاف ما يعطيه لكنه اقتنع واستمر بالعمل ومن ثم اضطر لأخذ قرض من الشركة الأم طبعا بالفائدة بحكم البلاد التي نعيش فيها على أن يسدده من خلال راتبه الشهري وبعد تسديد حوالي نصف القرض باعه صاحب الشركة الأم لشركة أخرى دون أن يعطيه استحقاقات نهاية الخدمة وبقي بين حين وآخر يعمل ويقوم بخدمات وأعمال لصالح شركته الأم دون أن يؤجر عليها وفي كل مرة يعده صاحب العمل بمبلغ مالي يفوق القرض بضعفين دون أن ينال منه شيئا وفجأة تم بيع الشركة الجديدة وبين عشية وضحاها وجد نفسه وعائلته بلا معيل ولا حتى مورد نظرا لعدم اعتراف الشركة الجديدة للمرة الثانية باستحقاقات نهاية الخدمة والرواتب المترتبة سؤالي الآن مهم جدا هل يجوز لهذا الشخص أن لا يسدد باقي القرض الذي بذمته لصاحب الشركة الأم واعتباره من حقوقه التي تجاهلها والوعود التي تجاوز قيمة القرض بأضعاف مع العلم بأن مطالبة صاحب الشركة الأم بالاستحقاقات التي كان من المفروض أن يؤديها للشخص شبه مستحيلة لمرور ثلاث سنوات على الحكاية وملاحقته قانونيا شبه مستحيلة لأن تكاليفها أكبر من إمكانياته ولا يوجد ما يثبت وعوده الشفهية إن شاء الله أكون قد وفقت إلى إيصال صورة مختصرة عن الوضع فهل يجوز التغاضي عن السداد أو ما رأي الشرع مع العلم بأن رغم مرور ثلاث سنوات على عدم التسديد لم يقم صاحب العمل بالمطالبة الله أعلم لعلمه بأنه قد غدر أو قصر بحق هذا الشخص وجزاكم الله عنا كل خير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان لهذا الرجل ما يثبت حقه فيما له على صاحب الشركة من مستحقات، فيجوز له أن يخصم هذه المستحقات من مبلغ الدين، وإن لم يكن له بينة فهناك خلاف بين أهل العلم عرضناه مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 28871.
وننبه هنا إلى ثلاثة أمور:
الأول: أن الواجب على هذا الرجل المقترض هو مبلغ القرض فقط، دون ما عليه من فوائد ربوية، فإن استطاع أن يمتنع من دفعها وجب عليه ذلك، لقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] (البقرة: 278). إلى قوله: [وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ] (البقرة: 279).
فدل هذا على أنه لا يجوز للمقرض أن يأخذ من المقترض زيادة على رأس مال القرض، وأن الزيادة ظلم لا يجوز.
الثاني: أن هذا الرجل إذا كان معسرا فيجب على صاحب الشركة أن ينظره إلى أن يستطيع قضاءه، وإن تصدق عليه بإسقاط الدين فهو أفضل، كما قال تعالى: [وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ] (البقرة:280).
وراجعي الفتوى رقم: 12311، والفتوى رقم: 7768.
الثالث: أن ما قام به صاحب الشركة من بيع هذا الرجل الذي يعمل لديه لشركة أخرى تصرف باطل لا يجوز، لأنه لا يملك هذا الرجل حتى يقوم ببيعه أو التنازل عنه مقابل مبلغ من المال.
نعم يجوز له أن ينتقل إلى تلك الشركة بشرط رضى الرجل نفسه، سواء تم ذلك بأجرة زائدة عن الأجرة الأولى أو مساوية لها أو ناقصة عنها.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.