عنوان الفتوى : حكم التعامل ببطاقة المرابحة أو بطاقة البيع بالتقسيط
هل شراء سلعة بالتقسيط بهذه الطريقة حلال؟ يراجع العميل البنك من أجل الحصول على بطاقة المرابحة، ويقوم العميل بالتوقيع على العقد الخاص بهذه البطاقة المشتمل على توكيل للعميل بشراء السلعة باسم البنك، وعلى أن تكون السلعة موافقة لمبادئ التمويل الإسلامي، غير الذهب والفضة والعملات، ويشتري العميل السلعة بالبطاقة كوكيل عن البنك، ويقوم البنك فورًا ببيع السلعة للعميل مرابحة، حسب الشروط المتفق عليها.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة كانت محل بحث من مجمع الفقه الإسلامي، في موضوع البطاقات الائتمانية، وبدائلها الشرعية، وقد قدم فيها خمسة أبحاث منشورة في العدد -12- من مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منها بحث: بطاقات الائتمان غير المغطاة ـ إعداد الدكتور محمد العلي القري، تناول فيه فكرة بطاقة المرابحة، وقال: المرابحة من بيوع الأمانة التي يتحدد فيها ربح البائع اعتمادا على علم المشتري ثمن شرائه السلعة، وبيع الأجل من البيوع الجائزة التي عمل بها المسلمون قديما، والوكالة من العقود المشروعة، فإذا جمعنا هذه الثلاثة، توصلنا إلى صيغة قابلة للتطبيق في بطاقات الائتمان، بحيث تخرج لنا بطاقة ذات دين مؤجل مقسط، كما يلي:
يصدر البنك بطاقة -نسميها بطاقة المرابحة- لعميله، ويترتب على ذلك توكيل البنك عملية الشراء نيابة عنه، ثم البيع لنفسه وكالة عن البنك بيعا مؤجلا بأجل محدد متفق عليه أن يدفع الثمن مقسطا، ويكون البيع الثاني بزيادة متفق عليها -5 % مثلا- هي ربح بيع المرابحة.
هذه الصيغة بديل تام لبطاقة الائتمان ذات الدين المقسط، وهي تعتمد في مشروعيتها على العقود الثلاثة المشار إليها أعلاه، والعمل بالمرابحة وبيع الأجل مقسط الدين قد أصبح فاشيا مستفيضا في حياة الناس المعاصرة، وضمن الصيغة المقترحة يتولى حامل البطاقة طرفي العقد، فهو يشتري نيابة عن البنك، ثم يبيع على نفسه وكالة عنه أيضا، فيكون بائعا ومشتريا، ومن الفقهاء من منع مثل هذه الوكالة، وعلة المنع عندهم هي استرخاص الوكيل لنفسه والاستقصاء لموكله، لأن الإنسان مجبول على تغليب حظ نفسه على حظ غيره، فاجتمع فيها غرضان متضادان، إلا أن الصيغة المقترحة ليس فيها ذلك، إذ تعتمد على المرابحة، وذلك لا يقع إلا في المساومة، ومن ثم كان كل شراء يجريه حامل البطاقة بثمن يتبعه بيع بنفس الثمن وزيادة ربح، فانتفت علة القول بعدم جواز هذه الوكالة. اهـ.
وقد وافقه على ذلك بعض أعضاء المجمع، وخالفه آخرون، ومنهم الشيخ الصديق الضرير، حيث قال: قدم أحد الأساتذة الأفاضل بديلًا لبطاقة الائتمان هذه، سماها بطاقة المرابحة، وقرأت بحثه، ولا أوافقه على ما جاء فيه، ولم ألق أحدًا من الفقهاء وافقه عليه. اهـ.
ومنهم الشيخ وهبة الزحيلي، فقال في مناقشته: لا أوافق على بطاقة المرابحة، فهذا أيضا فتح لباب المرابحة، وهو أيضا في أغلب التصورات ما هي إلا صورة أخرى للعمل بالربا، ينبغي أن نسد الباب أمام هذا الاتجاه كما ذكر. اهـ.
ومنهم الشيخ علي السالوس، حيث قال: مسألة اقتراح بطاقة المرابحة، أو بطاقة البيع بالتقسيط، في الواقع العملي الآن نجد من يذهب إلى البنك الإسلامي يأخذ منه الأوراق ويذهب إلى التاجر فيشتري السلع، ثم يأتي بفواتير السلع ويقدمها للبنك، وبالذات إذا كان البنك غير دقيق في معاملاته، ولا يقوم بنفسه بالشراء، ولا يعاين البضاعة، ولا يقوم بالتسليم، وغير ذلك، ثم يعود من اشترى هذه السلعة ليرد الأوراق، ويعطي نسبة للتاجر، ويأخذ هو الباقي، إذا كان هذا في أشياء موجودة في البلد التي فيها البنك الإسلامي، فكيف سيكون الحال والتعامل في غير هذا المكان؟ ثم إننا ندعو للتضييق من المرابحة، أو إلى إلغائها، فكيف يكون هناك التوسع فيها بهذا؟ اهـ.
ومنهم الشيخ علي القره داغي، وقال: أما بطاقة المرابحة: فحقيقة نحن نريد أن نتخلص من المرابحة التي هي في حقيقتها، أو في غالبها تعامل في الأوراق، وليس تعاملا في الأسواق، فما بالك إذا جاء الشخص وأعطينا له بطاقة المرابحة والرجل يتصرف حسبما يشاء، ثم بعد ذلك نحن نعتبره مرابحة! في الحقيقة مسألة غير عملية، ومسألة غير شرعية، كما قال فضيلة الشيخ الضرير. اهـ.
ونرى أن هذه الاعتراضات في محلها، وأن توكيل البنك للعميل بهذه الطريقة، يجعل بيعه وشراءه صوريا، لا حقيقيا، وبالتالي لا يخلو الأمر من شبهة الربا.
والله أعلم.