عنوان الفتوى : من صلى الجمعة خارج المسجد وكان الباب مغلقًا
صليت صلاة الجمعة ذات مرة خارج المسجد؛ لقراءتهم القرآن جماعة داخله، وقد فعلت هذا ظنًّا مني أن مجالسة من يقومون بما قد يكون بدعة؛ حرام.
وقد قرأت في موقعكم أن الصلاة في الخارج صحيحة إذا كان المأمومون في الخارج يرون المأمومين في الداخل، وبسبب كون أحد أبواب المسجد يفتح، فكان يمكن للمأمومين الذين أمامي رؤية المأمومين داخل المسجد، لكن ذلك الباب لم يفتح ذلك اليوم، ونسيت الأمر، وصليت الجمعة، فهل عليَّ إعادتها؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما كان لك أن تفعل ما فعلته، بل كان عليك أن تبكّر للجمعة، وتقترب من الإمام، ما أمكن.
وإن وجدت بعض المخالفات في المسجد، فانْهَ عنها قدر الطاقة، فإن استجيب لك، وإلا؛ فلا تترك فضيلة التبكير، والقرب من الإمام؛ لأجل مخالفة يقع فيها غيرك، وانظر الفتوى: 141205.
وأما ائتمامك به على الوجه الذي ذكر؛ فغير صحيح عند من يشترط رؤية الإمام، أو رؤية من يراه، وهو مذهب الحنابلة، وقريب منه مذهب الشافعية.
وأما المالكية؛ فظاهر نص خليل في المختصر اشتراط اتصال الصفوف، أو ضيق المسجد؛ حيث قال: وَصَحَّتْ بِرَحَبَتِهِ، وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ، إِنْ ضَاقَ أَوِ اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ، لَا انْتَفَيَا. انتهى.
فظاهر هذا النص أن انتفاء ضيق المسجد مع عدم اتصال الصفوف مانع من صحة الاقتداء في الجمعة، لكن شراح المختصر يقولون: إن المعتمد الصحة مع الكراهة الشديدة، قال الشيخ عليش في منح الجليل: ومحل الصحة في الرحبة، والطرق المتصلة (إنْ ضَاقَ) الْجَامِعُ (أَوْ) لَمْ يَضِقْ، وَ(اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ) بِالرَّحْبَةِ، أَوْ الطَّرِيقِ الْمُتَّصِلَةِ (لَا) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِرَحْبَةٍ، وَلَا طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ (انْتَفَيَا) أَيْ: الضِّيقُ، وَاتِّصَالُ الصُّفُوفِ، وَاَلَّذِي لِلْإِمَامِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: صِحَّتُهَا إنْ انْتَفَيَا أَيْضًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فالذي نراه هو أن تعيد تلك الصلاة ظهرًا، فالخطب -بحمد الله- يسير، وفي ذلك خروج من خلاف من قال ببطلانها على الحال التي ذكرت.
والله أعلم.