عنوان الفتوى : واجب من خطب فتاة وزنى بها ثم عقد عليها قبل الاستبراء
السؤال
كنت شابًّا عاصيًا من قبل، وكنت خاطبًا لفتاة ملتزمة، وخلال فترة الخطوبة، وقبل العقد وقعنا في الزنا، ثم عقدت عليها قبل استبراء الرحم لجهلي بالحكم الشرعي، وبعد العقد حاضت زوجتي أربع حيضات، ثم تبنا إلى الله، والتزمنا بالصلاة والصوم والعبادة، والاستغفار من هذا الذنب، والندم.
وبالصدفة علمنا بالحكم الشرعي بوجوب الاستبراء قبل العقد، والآن نحن لا ندري ماذا نفعل، وأنا الآن أخاف أن أقرب زوجتي؛ خوفا من أن يكون ذلك حراما. فأرجو من حضراتكم إفادتنا.
هل العقد صحيح أم باطل؟ وإن كان باطلا، فكيف يتم تصحيحه؟ وأنا مستعد لفعل أيِّ شيء يجنبني الحرام، ويجعل حياتي صحيحة. فهذا خطئي، وأنا أتحمله، عسى أن يغفر لي ربي ذنبي.
وإن لزم تجديد العقد، فكيف يتم ذلك؟ هل أنتظر حتى تحيض حيضة؟ أم أجدده فورا؟ أم أنتظر مدة غير ذلك؟
أرجو الإفادة، وأرجوكم التوضيح؛ لأني أجد صعوبة في فهم الجمل الفقهية، وأفسرها تفسيرات تزيد الوسواس لي.
جزاكم الله كل خير، ووفقكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى عديدة أن المخطوبة قبل العقد أجنبية، والزنا بها من أعظم المنكرات، وكبيرة من كبائر الذنوب؛ كالزنا بغيرها، وقد حذر الله تعالى من الزنا أشد التحذير، ووصفه بأبشع الأوصاف. فقال: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلًا {الإسراء:32}. وراجع الفتوى رقم: 1095.
والتساهل في أمر التعامل بين الخاطبين، اللذين هما أجنبيان عن بعضهما، وتمكينهما من الخلوة ببعضهما، والخروج، ونحو ذلك، من أعظم أسباب وقوع الفاحشة بينهما.
فتجب عليكما التوبة إلى الله تعالى من هذا الجرم العظيم الذي وقعتما فيه، ولا بد في ذلك من تحقيق شروط التوبة المعروفة، ويمكن مطالعة هذه الشروط بالفتوى: 5450.
وعقدك للزواج على زوجتك قبل استبرائها جهلا بذلك الحكم محل خلاف بين الفقهاء، وزواجك منها صحيح على قول من ذهب من أهل العلم إلى صحة الزواج في هذه الحالة.
قال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن في ذكر أدلة هذا القول: روي أن رجلا زنى بامرأة في زمن أبي بكر -رضي الله عنه-، فجلدهما مائة جلدة، ثم زوج أحدهما من الآخر مكانه، ونفاهما سنة. وروي مثل ذلك عن عمر وابن مسعود وجابر -رضي الله عنهم-. وقال ابن عباس: أوله سفاح، وآخره نكاح. ومثل ذلك مثل رجل سرق من حائط ثمرة، ثم أتى صاحب البستان، فاشترى منه ثمرة، فما سرق حرام، وما اشترى حلال، وبهذا أخذ الشافعي وأبو حنيفة، ورأوا أن الماء لا حرمة له. انتهى. وراجع الفتوى: 11426.
والله أعلم.