عنوان الفتوى : بقاء المرأة مع زوج مفرّط في الصلاة
السؤال
أنا فتاة متزوجة من شاب عُرِف عنه الالتزام، وتزوجته لهذا السبب، وحين تزوجته لم أجد ذلك إلا اسمًا فقط، فأنا أرى منه إهمالًا في الصلاة؛ حتى إنه يسمع الأذان، ويذهب للغرفة لينام، وبعض الأحيان أستعجل بتجهيز الطعام حتى أجعله يستيقظ للأكل والصلاة قبل خروج الوقت؛ لأني إذا أيقظته للأكل قام، ولكني أراه يأكل ويعود للنوم، وأشعر بحسرة بداخلي، فأنا حين تزوجته أردته عونًا لي على دِيني، لكني أشعر أني بدأت أتأثر به -غيبة، وعدم احترام للأمّ، وغيرها- وأنا لي قرابة خمسة أشهر معه، وهذا حاله، فهل يجوز البقاء عند رجل كهذا؟ وكم مدة الصبر عليه؟ فأنا أخاف أن أنجب أطفالًا يتأثرون بأبيهم، فما نصيحتكم لي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على دِين زوجك، وصلاحه، وهذا من شأن المؤمنات، فنسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك، وأن يحقق لك ما تتمنين من الهداية لزوجك.
ونوصيك بكثرة الدعاء له، ولا سيما في الأوقات، والأحوال التي يرجى أن يستجاب فيها الدعاء؛ فالله على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه، يقلبها كيف يشاء، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وانظري آداب الدعاء في الفتوى: 119608.
والصلاة هي عماد الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ومن حفظ الصلاة حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
فإن كان مقصودك أن زوجك مفرّط في الصلاة، بحيث يخرجها عن وقتها لغير عذر، فهو على خطر عظيم، وورد فيه وفي أمثاله وعيد شديد في القرآن، والسنة، فراجعي الفتوى: 16042، والأرقام المحال عليها.
فناصحي زوجك بالحسنى، وذكّريه بالله تعالى، وأليم عقابه، واصبري عليه، واستمري في النصح، ما رجوت أن ينتفع به، فإن تاب إلى الله وأناب، فالحمد لله، وإلا فمثله يستحب لك فراقه، وطلب الطلاق، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
وإن كان المقصود أنه ينام، ولكنه لا يخرجها عن وقتها، فلا إثم عليه في ذلك، ولكن ينبغي التنبه إلى أن الفقهاء ذكروا أنه يحرم النوم بعد دخول وقت الصلاة على من علم أنه لا يستيقظ إلا بعد خروج الوقت، قال في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: النَّوْمُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، لَا حَرَجَ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَوَّزَ نَوْمَهُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَا يَجُوزُ، إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُوقِظُهُ. اهـ. وقال الرملي الشافعي في نهاية المحتاج: فإن نام قبل دخول الوقت، لم يحرم، وإن غلب على ظنه عدم تيقظه فيه؛ لأنه لم يخاطب بها. اهـ.
وإن كنت قصدت بما ذكرت أخيرًا من الذنوب أنه يغتاب الناس، ولا يحترم أمّه، فمن يفرط في حق الله، ويضيع الصلاة، فلا يستغرب منه أن يعتدي على أعراض الناس، ويعق أمّه، وكلها من كبائر الذنوب، وأسباب سخط علام الغيوب، وموجبات الفسق -نسأل الله العافية والسلامة-.
فناصحيه في هذا أيضًا، وذكّريه بسوء عاقبة هذه الأفعال في الدنيا قبل الآخرة، ولا سيما العقوق، وراجعي الفتوى: 6710، والفتوى: 158729.
والله أعلم.