عنوان الفتوى : لا بأس أن تخلع المرأة الزوج الفاسد إن لم يصلح
السؤال
لقد خانني زوجي مع طليقته بالحرام، وطليقته تريد منه أن يطلقني. وتقوم بإرسال صورهما معا، وهما يرتكبان الفاحشة والزنا مع بعضهما. ولقد تسبب لي ذلك بالكثير من الأذى العميق، ولقد واجهت زوجي الذي لم أكن له سوى الزوجة الصالحة، لكنه قال لي إنها مشكلته وحده ولا تخصني، وأنا أتعذب كل يوم منذ أشهر 8 مضت وهو على هذه الحال.
لقد تدهورت صحتي، ولا أشعر بالأمان ولا بالراحة، فهو لا يعطيني لا حقي الزوجي كما يجب، ولا يعطيني الاستقرار النفسي.
وطليقته تتمنى لي الموت، وتضغط عليه لكي يطلقني، ويخلو لها الجو وهو من قال لي هذا الكلام، وكم مرة أتت هي إلى بيتي، وكسرت علي الزجاج، وتعرت بدون حياء أمام بيتي، وفي شهر رمضان أيضا.
فهل أخلع زوجي شرعا، ولا حرج علي في ذلك؛ لأنني تعبت ومرضت؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على هذه الحال، فإنها مسوغ كاف لطلب فراقه بالطلاق أو الخلع، بل يستحب لك فراقه، فلا خير لك في البقاء في عصمة مثله.
قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
ولكن قبل الإقدام على ذلك، ينبغي السعي في إصلاحه، وبذل النصح له وتذكيره بالله تعالى، وبخطورة ما يفعل، خاصة وأنه له زوجة يستطيع أن يعف نفسه من الطريق الحلال، فكيف يستبدل الخبيث بالطيب؟!
وما قاله من كون هذا أمرا يخصه، فكلام باطل، قد يريد أن يمنع به واجب النصح والإنكار، فيجب أن ينكر عليه، وينصح كما أسلفنا، فلعله يتوب ويصلح حاله.
فإن تم ذلك؛ فالحمد لله، وإلا فالفراق -كما أسلفنا- وأنه مستحب، فأنت في سعة من أن تعيشي العذاب مع مثله، ولعل الله يبدلك من هو خير منه، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ. وقال ابن القيم في زاد المعاد: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ. اهـ.
وإن صح ما نسبت لطليقته من أمور منكرة، فهذا يدل على أنها امرأة سوء، فاسدة في نفسها، وساعية بالفساد والإفساد، وفاعلة لما يقوم به السحرة والشياطين من السعي في سبيل التفريق بين الأحبة، قال تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ {البقرة:102}.
وثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -قال- فيدنيه منه ويقول: نعم أنت».
والواجب أن تنصح أيضا، ويبين لها خطورة ما تفعل، وأن الظلم قد يعجل الله عز وجل لصاحبه العقوبة في الدنيا قبل الآخرة. وما المانع من أن تجتمع مع طليقها في الحلال بعد أن يتوبا إلى الله سبحانه من الزنا، وتتم الرجعة إن لم تكن قد بانت منه بينونة كبرى.
والله أعلم.