عنوان الفتوى : طلب المرأة الطلاق بسبب عدم حب زوجها
السؤال
هل تطلب المرأة الطلاق؛ لأنها لا تحب زوجها، وتفتن برجال آخرين؟ وحتى إن لم تفتن، فإنها تعيش في غم وكآبة، لا تستطيع التخلص منها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة لا تحب زوجها، وكان عيشها معه متعذرًا، فلها أن تخالعه بأن تبذل له ما أعطاها من صداق، فتفتدي به نفسها.
وليس عليها حرج في ذلك، وبخاصة إذا خشيت الفتنة في دِينها؛ لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229}.
قال البهوتي في شرح الإقناع: إذا كرهت الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِخُلُقِهِ، أَوْ خَلْقِهِ) أَيْ: صُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ، أَوْ الْبَاطِنَةِ (أَوْ) كَرِهَتْهُ (لِنَقْصِ دِينِهِ، أَوْ لِكِبَرِهِ، أَوْ لِضَعْفِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَخَافَتْ إثْمًا بِتَرْكِ حَقِّهِ، فَيُبَاحُ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ عَلَى عِوَضٍ تَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهَا مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229] (وَيُسَنُّ) لَهُ (إجَابَتُهَا. انتهى.
وأما مع استقامة الحال، فلا يشرع الخلع، قال البهوتي: (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الزَّوْجُ (لَهُ إلَيْهَا مَيْلٌ وَمَحَبَّةٌ، فَيُسْتَحَبُّ صَبْرُهَا، وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا) قَالَ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْتَلِعَ مِنْهُ، وَأَنْ تَصْبِرَ.
قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُ أَحْمَدَ: يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَصْبِرَ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
(وَإِنْ خَالَعَتْهُ) الْمَرْأَةُ (مَعَ اسْتِقَامَةٍ الْحَالِ، كُرِهَ) ذَلِكَ؛ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ؛ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ.» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ. وَلِأَنَّهُ عَبَثٌ، فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (وَوَقَعَ الْخُلْعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4]. انتهى.
والله أعلم.