عنوان الفتوى : هدايا الزهور في شتى المناسبات.. إباحة أم حرمة
الحمد لله وبعد. 1.ما حكم تقديم أحد الزوجين للآخر باقة من الورد تعبيرا على المودة والرحمة لدى الطرفين ... هل هذا له سابقه في القرون المشهود لها بالخير؟ أم أنه فعل طارئ دخل علينا من قبل الكفار؟ 2.وأيضا إعطاء الزهور للمريض ... 3.وأيضا وضع الزهور داخل القبر مع الميت 4.وأيضا تعليق الزهور في الأعراس كما هو معلوم ومشاهد ... بارك الله في اجتهاداتكم ونفع بكم طلاب العلم .. والحمد لله رب العالمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن تبادل الهدايا بين المسلمين مطلوب ومرغَّب فيه شرعًا، وخاصة بين الأزواج؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. رواه مالك في الموطأ، وفي رواية لأحمد : تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر. وعلى هذا فإن تقديم أحد الزوجين للآخر هدية من الورود أو غيرها تعبيرًا عن المودة والرحمة، لا مانع منه شرعًا، ولا يمنع من ذلك كون الصحابة والقرون المشهود لهم بالخير لم يتبادلوا الهدايا بهذا الشكل، فالعبرة بالأصل وهو الهدية، وقد فعلوها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمنع منها أيضًا أن غير المسلمين يتبادلون الهدايا في مناسباتهم، ما لم يكن من يفعل ذلك قاصدًا تقليد الكفار متشبهًا بهم؛ لأن التشبه بالكفار مذموم ومحرم شرعًا، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، فيجب على المسلمين أن يتميزوا عن غيرهم؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود والترمذي. وأما إعطاء الزهور للمريض، فإن كان لإدخال السرور عليه والتخفيف عنه والتفاؤل له بالشفاء، فلا مانع منه، بل ويؤجر من فعل ذلك إن كان لمقصد حسن إن شاء الله تعالى. ومن فعل ذلك تشبُّهًا بالكفار وتقليدًا لهم فهو على خطر عظيم كما أشرنا. وأما وضع الزهور مع الميت أو داخل القبر، فإنه لا معنى ولا أصل له، ولعله من العادات الدخيلة على المسلمين، ومن بدع الدفن التي يجب على المسلمين الابتعاد عنها. وأما وضع الزهور النباتية والرياحين والأغصان والأشياء الرطبة على القبر أو غرسها عنده، فقد اختلف أهل العلم في مشروعيته وعدمها، ومستند القولين حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم، دَعَا بجريدة فَكَسَرَهَا كَسْرَتَيْنِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى قَبْريْنِ سَمِعَ صَوْتَ صَاحِبَيْهِمَا يُعَذَّبَان. فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلّهُ أَنْ يُخَفّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَــيْبَسَا أَوْ إلَى أَنْ يَــيْبَسَا. رواه البخاري ومسلم والنسائي. ولتفاصيل ذلك وأقوال العلماء فيه نحيلك إلى الفتوى رقم:24505. وأما تعليق الزهور في الأعراس وما أشبهها في المناسبات السارة فلا مانع منه شرعًا إن شاء الله تعالى؛ لأنه مظهر من مظاهر الزينة والبهجة والسرور، وهذا شيء مطلوب شرعًا في مثل هذه المناسبات، ما لم يكن ذلك تشبها أو تقليدا للكفار. والله أعلم.