الانتقاد على المنار
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
وعدنا بأن نذكر ما ينتقد به علينا ونبين رأينا فيه إما تسليمًا، وإما تفنيدًا. وقد أرسلت إلينا قصيدة من الكويت يزعم ناظمها أنه رد على المنار , وما هي إلا سب وشتم لا يليق بالمؤمن أن يرد على صاحبها إلا بكلمة (سلام) وكذلك تصدت بعض الجرائد الجديدة في تونس التي هي أدنى من جرائدنا الأسبوعية للخوض في موضوعات المنار، فلم نر فيها شبهة تستحق الرد , وقد نصحت لها أم الجرائد التونسية (الحاضرة) ، الغراء فقبل النصيحة حسن القصد , وكابر الكاتب فردت عليه بالنبذة الآتية: وإذا مروا باللغو مروا كرامًا نصحت الحاضرة لرصيفيها الفاضلين صاحبي جريدتي الصواب، وجريدة إظهار الحق إثر تحريرات شديدة اللهجة نشراها ضد بعضهما في صحيفتيهما , ودعتهما بلسان الصدق في خدمة المصلحة العامة أن يقلعا عن مثل تلك المطاعن سيما وأن بعضها المدرج في ثانيتهما به تعريض مذموم بأكبر وأشهر مجلة علمية أدبية إسلامية بالشرق، ونعني بها جريدة المنار الأغر التي يكتب بها فضيلة مفتي الإسلام مولانا الإمام الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية , وقلنا لهما برفق ولين: إن موضوع مجادلتهما من فصيلة المجلات العلمية لا من علقة الجرائد الإخبارية , وعليه فلا ينتج عنها في نظرنا القاصر بما لدينا من التجربة الصحافية ثمرة مثافنة نحو عشرين سنة إلا تضليل بسطاء العقول، والتلبيس على أهل النهى بسرد النصوص المتناقضة تارة، وبتعقيد عبارة المحررين أخرى , فتوفقت جريدة الصواب بسلامة ذوقها لسماع النصيحة، وتطاولت خصيمتها عن الاقتداء بصنيعها الممدوح فاستأنفت القول بعبارة أكثر قحة وأبلغ شدة مما كانت نشرته , وذلك بقلم محرر غير محرر ما سبق بها نشره أمضى مقالته باسمه (بو بكر العروسي) عرف بنفسه في آخرمقاله بعد تعريض ممقوت بجريدتنا , فقال: (أما الذين تعلموا نبذة من الكتابة بكثرة مزاولة الجرائد أو موضوع مخصوص يصعب عليهم فهم مدارك الكُتَّاب (يقصد المحرر بذلك نفسه لا محالة) الذين أخذوا فنهم من قواعد وآداب عظيمة كالمتخرجين من الجامع الأعظم ...
إلخ) . هذه خلاصة ما كنا كتبناه في عدد 812 من جريدتنا , وزبدة ما كتبه الشاب المتخرج من الجامع الأعظم في عدد 22 من جريدة إظهار الحق. ونحن لا يجدر بنا أن نجاري هذا الشاب في تيار أهوائه، بل ننصح من جديد لرصفينا الفاضل مدير إظهار الحق أن ينزه جريدته عن الخوض في تلك المواضيع البعيدة عن خدمة المصلحة العامة , وينبه إلى أن مثل هاتة التحريرات التي لا تستفيد منها جريدته ولا قراؤها سيما إذا كان محررها صاحب طيش ويرى نفسه من كتاب (الصف الأول في التحرير) الذين لا يخشون ردود محرري الشرق لأنه من أولئك الذين قيل فيهم: (إن بني عمك فيهم رماح) كما صرح بذلك. وإذا قدر الله على جريدة إظهار الحق بعدم إدراك هاته الحقيقة , فإن صاحبها لا محالة يسلك بجريدته طريقًا عوجاء لا يسلم من عاقبتها، ويعلم بعد حين أن حجة مثل هذا المحرر ساقطة، وأن قلمه لا قبل له على رد سيل العرم الذي ربما يجرفه يومًا ما فلا يجد لنفسه وليًّا ولا نصيرًا، إذ لا يخفى على صاحب إظهار الحق أن خدمة الأمة الإسلامية عمومًا وخدمة الوطن خصوصًا لا تكون إلا بالتعاضد والتكاتف لا بالتشاتم والتنافر بين أفرادها وخصوصًا حملة أقلامها , ثم ما لنا وللجرائد الشرقية التي يحررها كتبة أقلامهم من البلاغة بمكان ولها قراء تقدمونا بمراحل في ميادين الترقيات الفكرية والعرفان , فسمحت لهم معارفهم بولوج باب المجادلات الدينية والفلسفية بصورة يقصر دونها فهم الطالب المشار إليه ومن جاء على شاكلته , فإن لأولئك العلماء والكتاب الشرقيين من المبادئ الراسخة والآراء الثاقبة ما لا تزحزحه عوارض طيش التخيل والغرور مثل التي شاهدناها من أحد متخرجي الجامع الأعظم نراه تارة يطعن بشيوخه وبنظام الجامع مما ننقمه عليه، وآونة يزعم أنهم مصدر الفضائل وركن البراعة مما سبقناه للإعلان به , ولكن لله في خلقه أسرار) اهـ كلام الحاضرة الذي يتدفق إخلاصًا وصوابًا , وعسى أن يفيد المخلصين.