الأمّة ويمين الغرب المتطرف!
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
إصدار التّقارير الدّوريّة، واستشراف المستقبل الآتي، بعد قراءة الواقع الحالي، محمدة تحسب للمراكز البحثيّة، والمجلات الرّصينة، وهذا ما دأبت عليه مجلّة البيان بالتّعاون مع المركز العربي للدّراسات الإنسانيّة، من خلال إصدار تقرير ارتيادي سنوي، يشتمل على لباب منتقى من خلاصة الأبحاث في موضوع ما. وآخر ثمارهما هو التّقرير الخامس عشر، الذي صدر عام 1439=2018م، بعنوان: الأمة وصعود اليمين المتطرف في الغرب، ويتكوّن من ستّة أبواب، تحوي إحدى وعشرين دراسة، ويقع في (423) صفحة من القطع الكبير، ويسبق كلّ دراسة ملخص من صفحة واحدة، وقد يتبع بعضها معلومات إضافيّة، فضلًا عن الإحالات على مراجع أكثر تفصيلًا، مع وجود نوافذ وأشكال تختصر أهمّ المعلومات الواردة. وقد عرضت المقدّمة أبواب الكتاب باختصار، وذكرت بأنّ اليمين الشّعبوي المتطرف في الغرب، يضم تصورات يجمعها الاستعلاء، والتّمركز حول الهويّة القوميّة، وتعظيم المصالح الاقتصاديّة، ونبذ الأجانب، وتزايد عداء المسلمين وكراهيتهم، والوقوف إلى الضّد من العولمة والانفتاح. ويتسم هذا الخطاب المتطرف بتأجيج العواطف، والاختزالية، وزيادة خوف الجماهير، وإثارة الكراهيّة الدّينيّة والعرقيّة، مما يشير إلى تفاقم أزمة حضاريّة وثقافيّة داخل الغرب؛ الذي طالما تغنّى بالحرّيات والحقوق، فضلًا عن أنّ تصاعد هذا الخطاب نذير بحروب قد تكون مفصليّة. ويرجع المحللون صعود اليمين المتطرف إلى أسباب أهمها ثلاثة، أولها: الأزمات الاقتصاديّة النّاجمة عن الانفتاح، وحريّة حركة رؤوس الأموال، وثانيها: انهيار الثّقة في نموذج الدّيمقراطية التّمثيليّة، وثالثها: تزايد موجات المهاجرين واللاجئين؛ خاصّة أولئك الهاربين من نيران الصّراعات والحروب. ويتحدث الباب الأول عن: النّظرية والفكر، وفيه أربع دراسات عن المفهوم، والعصبيّة ثمّ موقف الإسلام منها، فخارطة سياسيّة لليمين المتطرف في الغرب، وأما ملف التّقرير فهو في الباب الثّاني تحت عنوان: اليمين في الغرب، ويضم أربع دراسات عن أمريكا، وفرنسا، وألمانيا، وتداعيات اليمين المتطرف في أمريكا على العالم الإسلامي بعد انتخاب ترمب رئيسًا لأمريكا. وأما عنوان الباب الثّالث فهو: العالم الإسلامي، ويشتمل على ثلاث دراسات عن القضيّة الفلسطينية، وحول تأثير هذا الصّعود على مسلمي أوروبا، وعن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فيما يحمل الباب الرّابع عنوان: العلاقات الدّوليّة، ويحتوي على خمس دراسات عن الاتحاد الأوروبي ومصيره، وحول موقف روسيا النّفعي، وعن إشكاليّة اللاجئين، ومصير اليسار والمجتمع المدني في أوروبا، وآخرها وهو من أهمها، إذ يبحث مكانة إيران لدى اليمين المتطرف! وعن العمل الإسلامي جاء عنوان الباب الخامس، وفيه ثلاث دراسات عن خيارات المسلمين في مواجهة تطرف اليمين؛ وعمّا يمكنهم فعله بدلًا من التّسمر في خانة الدّفاع، وحول موقف التّيارات الإسلاميّة من هذا الصّعود؛ فمدرسة ترى هجر الغرب، وثانية تدافع القدر بالقدر، وبينهما مدرسة العنف تبتهج بجنوح الغرب نحو تطرف اليمين، وأخيرًا دور الجمعيات الإسلاميّة في الغرب تجاه أداء هذه الأحزاب. ولأهميّة الاقتصاد ومركزيته، اختتم التّقرير أبوابه عن قضايا اقتصاديّة، وفيه دراستان متينتان عن السّياسات الاقتصاديّة لليمين المتطرف، مع التّطبيق على أمريكا التّرامبيّة نموذجًا، والثّانية عن الآثار الاقتصاديّة العالميّة لصعود اليمين المتطرف، ومن اللافت في هذا الباب الحديث عن نفط العرب، وموقف إدارة ترمب منه، وحماية التّجارة المحليّة، مع النّزاع على الاستثمارات الأجنبيّة، وزيادة الانفاق على التّسلح. ولم يفرد التّقرير أيّ باب خاص لبحث الانعكاس السّياسي والفكري لهذا اليمين المتطرف على سلوك الحكومات في البلاد الإسلاميّة، ومواقف التيّارات الفكريّة في شرقنا المسلم، وإن كانت الإشارات التي تدل على الطّريق المتوقع كثيرة في هذا التّقرير الثّمين، وقد يترتب على صعود اليمين المتطرف تعاظم إرهاق الحكومات، وخنق الشّعوب؛ واتّساع هوّة الخلاف بينهما؛ فاللهم احفظ بلادك، وعبادك، وأولياءك، ودينك. أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياضمدونة أحمد بن عبد المحسن العسَّاف