عنوان الفتوى : الفراق أم البقاء بعد اكتشاف الزوج زنا زوجته وفض بكارتها قبل الزواج

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

أنا شاب متزوج منذ عام وثمانية أشهر، تأكدت قبل أيام، أن زوجتي لم تكن عذراء، وكنت قد شككت في هذا الأمر قبل دخولي بها، عندما كنت عاقدا عليها سألتها: هل هناك من لمسك قبلي؟ فأنكرت نكراناً شديدا، وعند دخولي بها زاد شكي، وسألتها أيضا، ولكنها أنكرت أيضا. كتمت الأمر في نفسي خوفا من اتهام أعراض المسلمين، واتهام إنسان دون بينة، لم آخذها لطبيب للكشف عليها، حفاظا على المودة، وعلى كرامتها في حال كانت عذراء، وقلت في نفسي: ربما وسواس شيطان، أو ربما هذه طبيعة غشائها؛ لأنني استخرت الله أكثر من مرة قبل زواجي منها. عشت معها بالمعروف، وأنجبت منها بنتا عمرها عشرة أشهر، وبعد هذه المدة دخلت على صفحتها على الفيس بوك، فوجدت دردشة بذيئة، مع شخص لا أعرفه، واجهتها بالأمر، فأقسمت أنه لم يكن بينه وبينها شيء، علما بأن من طباعها الكذب، والإصرار عليه. وقد عرفت هذا الطبع من خلال عشرتي بها، وتأكدت منه، ولا تواظب على صلاتها، أصررت عليها أن أعرف كل ما يخفى عني، وإلا سأخبر أهلها بالدردشة التي وجدت، وأنني على علم بأنها ليست عذراء منذ أول يوم دخلت عليها، فأخبرتني بأنها كانت على علاقة بشخص وعدها الزواج، وقد تعرفت عليه في السوق في محل يديره، وأنها قد مارست معه الجنس أكثر من مرة برضاها، وَقْعُ الكلام علي كان قاسيا جدا، تألمت، ولا زلت أتألم، الله وحده يعلم حالي، ضربتها، وشتمتها، وشتمت أهلها. وأخبرت والدها، واعترفت أمامه بما علمت، وأنها هي من اعترفت، وأخبرتني بكل التفاصيل دون تهديد مني، ولم أجبرها على ذلك، ولولا أن الله كشف لي هذه الدردشة، لكنت قد عشت في هذه الكذبة طول عمري، طلب مني والدها الستر، ووافقت حفاظا على ابنتي، وأن تتربى أمام عيني، ولكن علمت والدتها بالأمر منها، وأخبرتهم بأنني قد ضربتها؛ فغضبوا لضربي لها، ولم يغضبوا لفعلة ابنتهم. ولكن أمها اتصلت علي، وشتمتني، واتهمتني بالكذب، وأنني من أجبرتها على الاعتراف بهذا الكلام، اتصلت على والدها وأخبرته ما بدر من زوجته، فما كان منه إلا أن قام هو أيضا بالنكران، والتطاول، وحدث بيني وبينه شد وجذب، وإهانات متبادلة بأقبح الألفاظ، علما بأنه كان بيننا خلاف قبل هذا، وتدخل أهلها، وتطاولوا علي جدا، حتى إنني قد رميت عليها وقتها يمين الطلاق، ثم أرجعتها في عدتها، ورفض أبوها رجوعها أشد رفض، لا أدري لماذا؟ حتى تدخل عمها، وكان له الفضل بعد الله في حل المشكلة. الآن بعد أن اكتشفت كل هذا الذي كان يخفى عني: ماذا أفعل، وقد علمت أن حياتي بُنيت على الغش من الأول؟ وهل أواصل معها من أجل ابنتي فقط، أم أفارقها؟ ويعلم الله أن فراقي لها يشق علي، لفراق ابنتي، فإنني متعلق بها جدا، ولكنني أصبحت أبغض أمها؛ لكذبها علي، وإصرارها على ذلك. إنني في حيرة من أمري، فأشيروا علي ماذا أفعل هل أطلقها، وأبتعد عن ابنتي التي أحب، وتكون رؤيتي لها كل أسبوع فقط، أم أمسكها؟ وأبوها يصر على الطلاق، ومنعوا عني أي وسيلة للتواصل معها. اعذروني على الإطالة. فإنني والله في أشد العذاب. تقثي بالله كبيرة، وأدعوه في كل صلاة أن يفرج همي، ويعوضني خيرا، إن أمر المسلم كله خير إن شاء الله. أشيروا علي كيف أتصرف؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا شك في عظم ما أقدمت عليه هذه الفتاة، من إقامة علاقة مع رجل أجنبي عنها، ووقوعها معه في الفاحشة، ومن هنا نعلم عظمة الشرع حين حرم مثل هذه العلاقات؛ لكونها وسيلة للفساد، وراجع الفتوى رقم: 80496، ورقم: 30003. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله.

 وفي المقابل، فقد أخطأت حين سألتها عن ماضيها، وبتتبعك أمرها، فقد كنت في عافية لو لم تسأل عن ذلك، وهي ليست ملزمة شرعا بإخبارك بزوال بكارتها، فإن الواجب عليها مع التوبة أن تستر على نفسها، ولا تفضحها، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 33442، ولكن إن كنت قد اشترطت كونها بكرا، وأخفت عنك ذلك، ففي هذا نوع من الغش، وانظر الفتوى رقم: 130511. ومع هذا، لا يجوز لها أن تخبرك بأن زوالها كان بزناً؛ لما أسلفنا من وجوب الستر.

وإبقاؤها في عصمتك من فراقها، يتوقف على حالها الآن، فإن تابت، واستقام أمرها، فأمسكها، وأحسن عشرتها، واجتهد في تربيتها على الدين والإيمان، والحجاب والعفة. وإن لم تتب، فينبغي أن تطلقها، ففراق مثلها مستحب.

  قال ابن قدامة في المغني، وهو يبين أنواع الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة... 

 ويجوز لك والحال هكذا، أن تمتنع من طلاقها, وتضيق عليها حتى تسقط لك مهرها, أو بعضه, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 121140. ولا يحق لوليها عضلها عن الرجوع لزوجها، وراجع الفتوى رقم: 18735، والفتوى رقم: 166329.

 وما حصل منك من ضرب زوجتك، وشتمها، وشتم أهلها، أمر منكر، يجب عليك التوبة منه، واجتهد في أن تصلح العلاقة بينك وبين أصهارك، ونسيان الماضي، فإن الإسلام يرغب في صلاح الحال، وطيب العلاقة بين المسلمين، ويتأكد مثل هذا فيمن كانت بينهم علاقة كالمصاهرة.
 والله أعلم.