عنوان الفتوى : موقف الزوج إذا عصته امرأته وهربت مع صديق لها
سؤالي يا شيخ أني تزوجت من ابنة عمي، وأنا أعمل بالخارج، وبعد الزواج ظهر لي منها أشياء كثيرة، حيث كانت دائما تخالفني ولا تطيعني في أي شيء، وكنت دائما أتنازل من أجل صلة الرحم ومن أجل والدها، وبعد الزواج بشهرين سافرت لأني أعمل بإحدي الدول، وحينما طلبتها لترافقني رفضت، وأعدت المحاولة مرات وقابلتني بالرفض، وحين تم عليها الضغط من قبل الأسرة أظهرت الموافقة، وانتهزت الفرصة وهربت من المنزل، وذهبت لصديق لها، وأنا كنت لا أدري أنها تحب غيري، وأنها مرغمة عل الزواج مني.؟ فماذا أفعل يا شيخ؟ وهل لها حق في ما أعطيت لها من مهر وحقوق واجبة علي في الطلاق من مؤخر صداق ونفقة أو تسقط جميع حقوقها، وأسترد كل ما أعطيت لها؟ الرجاء الإفادة حيث إن الأمر انتشر في الأسرة ولا أستطيع أن أرجعها أو أن أصلح منها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعلته زوجتك من رفضها للسفر معك وهروبها إلى رجل أجنبي كبيرة من كبائر الذنوب التي توجب سخط علام الغيوب، وتوجب كذلك سقوط حقها في النفقة ونحو ذلك، لأنها ناشز قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حديث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها، فلا نفقة لها لأنها ناشزة. انتهى.
ويقول ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المقنع: وإذا امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم. انتهى.. ولكن مع ذلك فإن حقها في المهر مقدمه ومؤخره ثابت لها طالما أنك دخلت بها، ولا يجوز لك أن تسترد أي نفقة أنفقتها عليها حال الطاعة والوفاق، ولكن يجوز لك والحال هذه أن تضيق عليها بأن تمتنع من طلاقها حتى تفتدي منك بما دفعت لها من مهر أو أكثر أو أقل حسب ما تتفقان عليه.. ويستحب ألا تأخذ منها زيادة عما دفعت لها من مهر، قال تعالى: ... وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ {النساء:19}.
فقد ذهب جمع من السلف وأهل العلم المحققين إلى أن الفاحشة المذكورة في الآية لا تقتصر على الزنا، بل تعم غيره، جاء في تفسير القرطبي: وقال ابن مسعود وابن عباس والضحاك وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض والنشوز، قالوا: فإذا نشزت حل له أن يأخذ مالها، وهذا هو مذهب مالك. انتهى.. وقال الطبري رحمه الله: فمعنى الآية: ولا يحل لكم أيها الذين آمنوا أن تعضلوا نساءكم فتضيقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتكم (المهر) إلا أن يأتين بفاحشة من زنا أو بذاء عليكم وخلاف لكم فيما يجب عليهن لكم.. فيحل لكم حينئذ عضلهن والتضييق عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق إن هن افتدين منكم به. انتهى بتصرف.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 76251.
والله أعلم.