أسئلة لمجيزي الاحتفال بالمولد النبوي.. أسئلة تنتظر الرد!
مدة
قراءة المادة :
14 دقائق
.
أسئلة لمجيزي الاحتفال بالمولد النبويأسئلة تنتظر الرد!
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فهذه أسئلة لهؤلاء الذين يحتفلون بالمولد، نقول لهم: اطرحوها على أنفسكم، وقِفوا مع أنفسكم وقفةَ صِدْق وعدل وإنصاف لله عز وجل.
السؤال الأول:
هل عَلِمَ النبي (صلى الله عليه وسلم) أهمية الاحتفال بمولده وفضله أو لا؟
إن قلتم: نعم.
قلنا لكم: فلماذا لم يأمُر أمَّتَه به؟
ولماذا لم يرشدنا إليه؟[1]
ولماذا لم يبيِّن لنا يوم مولده بالتحديد؟!
وإن قلتم: لم يكن يعلمه.
قلنا لكم: فهل تَدَّعُون أنكم علمتم شيئًا لم يعلمه النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)؟!
وهل أنتم سبقتم إلى فضيلة قَصُر عنها النبي (صلى الله عليه وسلم)؟!
السؤال الثاني:
حياة النبي صلى الله عليه وسلمالمباركة فيها أيام أعظم من يوم مولده، وهو يوم بعثته؛ ولذلك لما امتنَّ الله على المؤمنين امتنَّ عليهم بنعمة البعثة لا المولد، فقال الله عز وجل:
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].
السؤال:
لماذا لا تحتفلون بيوم بعثته وهو أفضل من يوم مولده؟!
السؤال الثالث:
اليوم الذي تدَّعون أن النبي (صلى الله عليه وسلم)وُلِد فيه - وهو الثاني عشر من ربيع الأول - هو نفس اليوم الذي مات فيه[2]، وليس الفرح فيه بأَوْلى من الحزن، ولا سيما وأن موت النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبةٍ فُجِعَت بها أمة الإسلام، فلماذا تُظهِرون السرور ولا تُظهِرون الحزن؟!
فإن قلتم: بأننا لم نُؤمَر بإظهار الحزن والنياحة، بل نُهينا عن ذلك.
قلنا: وكذلك لم نُؤمَر بالاحتفال بمولده (صلى الله عليه وسلم)، أو باتخاذ يوم مولده عيدًا، ونُهينا عن الإحداث في الدين.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله:
(العجب العجيب، كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور -كما تقدم- لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر الكريم، وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل، وفُجعت الأمة، وأُصيبت بمُصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا؛ فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير....)[3].
السؤال الرابع:
لماذا أنفق نابليون بونابرت -صاحب الحملة الفرنسية الصليبية- على إقامة المولد؟
أقول: والله، هذا يدل على أن الاحتفال بالمولد ليس من الدِّين؛ لأن نابليون وحملته الصليبية جاؤوا للقضاء على الدين؛ ولذلك هدموا المساجد، وقتلوا العلماء، ومزَّقوا المصاحف، وأغلقوا المسجد الأزهر ودنسوه.......
إلخ[4].
فلماذا أنفَق نابليون -المحارِب للدين- كلَّ هذا على إقامة المولد؟
قال الجبرتي في (عجائب الآثار):
وفيه سأل صاري عسكر عن المولد النبوي، ولماذا لم يعملوه كعادتهم، فاعتذر الشيخ البكْري بتعطيل الأمور، وتوقُّف الأحوال، فلم يقبل وقال: لا بد من ذلك، وأعطى له ثلاثمائة ريال فرنسي معاونةً، وأمر بتعليق تعاليق وأحبال وقناديل، واجتمع الفرنساوية يوم المولد، ولعبوا ميادينهم، وضربوا طبولهم ودبادبهم، وأرسل الطبلخانة الكبيرة إلى بيت الشيخ البكْري، واستمروا يضربونها بطول النهار والليل بالبركة تحت داره، وهي عبارة عن طبلات كبار مثل: طبلات النوبة التركية، وعدة آلات ومزامير مختلفة الأصوات مطربة، وعملوا في الليل حرَّاقة نفوط مختلفة وصواريخ تصعد في الهواء)[5].
سؤال: وما هدف الفرنسيين من ذلك؟
أجاب الجبرتي عن فتح الفرنسيين الباب للموالد، فقال:
(ورخَّص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه الخروج عن الشرائع، واجتماع النساء، واتباع الشهوات، والتلاهي، وفِعْل المحرمات)[6].
السؤال الخامس:
عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
((ما مِن نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ في أُمَّةٍ قَبْلِي إلَّا كانَ له مِن أُمَّتِهِ حَوارِيُّونَ وأَصْحابٌ يَأْخُذُونَ بسُنَّتِهِ، ويَقْتَدُونَ بأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّها تَخْلُفُ مِن بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يقولونَ ما لا يَفْعَلُونَ، ويَفْعَلُونَ ما لا يُؤْمَرُونَ...))[7].
السؤال:
هل بالاحتفال بالمولد تقتدون بأمر سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو تفعلون ما لا تؤمرون؟!
السؤال السادس:
قال الله تعالى:﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].
السؤال:
هل بالاحتفال بالمولد كلَّ عام اتبعتم فيه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار؟
ثم نسألكم: ورَدَ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ((عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيينَ مِنْ بَعْدِي...))[8].
هل أنتم بالاحتفال بالمولد -في كل عام- عملتم بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) وسنة الخلفاء الراشدين؟
السؤال السابع:
عندما أرَّخ الصحابة التأريخ السنوي، وأرادوا أن يختاروا الشهر الذي يبدأ به العام، لماذا لم يذكروا مولده عند ذِكر بعضهم البدءَ بشهر ربيع الأول؟
فلماذا لم يذكروه مع أن بعضهم ذَكر شهر ربيع الأول؟
فـقال بعضهم: يكون -بداية التأريخ- ربيعًا الأول -أول السنة-؛ لأنه وقت الهجرة.
وقال بعضهم: ابدؤوا برمضان.
وقال بعضهم: ابدؤوا برجب.
وقال بعضهم: أرِّخوا من المحرَّم؛ فإنه شهر حرام، وهو أول السنة، ومُنصرَف الناس من الحج[9].
السؤال الثامن:
لماذا لم يُذْكر المولد عند ذكر شهر ربيع الأول في التأريخ الذي حدث بمشورة عمر (رضي الله عنه) للصحابة (رضي الله عنهم)؟!
وأين يوم مولده (صلى الله عليه وسلم) في حياة أصحابه (رضي الله عنهم)؟!
والجواب ظاهر:
ما تكلموا فيه، ولا ذَكَروه، ولا احتفلوا؛ لعِلْمِهم أن مثل هذه الأمور والاحتفالات من المحدثات غير المشروعة؟
السؤال:
لماذا لم يحدِّثنا النبي (صلى الله عليه وسلم) عن مولده وتفاصيله كما حدَّثنا عن تفاصيل بعثته وغيرها، لتكون منه إشارة للاحتفال بمولده (صلى الله عليه وسلم)؟[10]
لماذا لم يذكر تفاصيل مولده لأصحابه؛ لينقلوه للناس من بعده؟
السؤال التاسع:
هل احتفل النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه (رضي الله عنهم) بالمولد أو لا؟
إن قلتم: نعم.
قلنا لكم: هذا كَذِبٌ عليهم.
أخبرونا في أيِّ يوم من العام كانوا يحتفلون.
وإن قلتم: لم يحتفلوا.
قلنا لكم: إن لم يَسَعنا ما وسع النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) وصحابته (رضي الله عنهم)،فلا وسَّع الله علينا.
أخي الحبيب:
محبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا تتحقق بالاحتفال بمولده؛ وإنما تتحقق بالعمل بسُنَّته، وتقديم قوله على كل قول، وعدم ردِّ شيء من سنته، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه؛ فالمحبة بالاتباع لا الابتداع.
لو كان حبك صادقًا لأطَعْتَه *** إن المحبَّ لمَن يحب مطيعُ
وهذه الاحتفالات والموالد وما يحدث فيها، لا تنفع الإسلام شيئًا،بل ضررُها أكبرُ من نفعها على المسلمين، وهذا واضحٌ جليٌّ ظاهرٌ.
ولذلك يدعمها الكفار [11] والمنافقون بقصد هدْمِ الشريعة، وتغييرِ معالم الملة، وتشويهِ صورة الإسلام عند غير المسلمين، وحصرِه في مظاهر أولئك الدراويش الذين يتراقصون ويتمايلون في احتفالات الموالد.
[1] قد يُجاب عن ذلك بما أجابه بعض العلماء "بأنه لم يزِد فيه على غيره من الشهور شيئًا من العبادات، وما ذلك إلا رحمةً بأمَّته ورفقًا بهم؛ لأنه عليه السلام كان يترك العمل خشية أن يُفرض على أمته رحمة منه بهم، لكن أشار عليه السلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين: ((ذاك يوم وُلدتُ فيه))".
انظر: الحاوي للفتاوي (1 / 194) طـ (دار الفكر).
قلت: وهذا الجواب ضعيف.
برهان ذلك:
أنه مردود بترك الصحابة (رضي الله عنهم) وقد زالت العلة التي لأجلها ترك النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) شيئًا من العبادات في هذا الشهر، وكذلك تَرْك التابعين لذلك والأئمة المتبوعين في خير القرون (رحم الله الجميع).
[2] هذا وقد اختلف العلماء في يوم وفاته صلى الله عليه وسلم: فقد اتفقوا على موته صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، حتى قال الحافظ في الفتح: (وكاد يكون إجماعًا) ا.هـ.
وقد اختلفوا في يوم موته صلى الله عليه وسلم:
قيل: أنه في الثاني عشر من ربيع الأول، وهو قول الجمهور.
وقيل: في ثانيه، وقد رجحه السهيلي.
وقيل: مات لهلال ربيع الأول.
انظر: لطائف المعارف (صــ 126) طـ (مكتبة الصفا) القاهرة، فتح الباري، لابن حجر (8 / 161 ــ 162) طـ (دار الحديث) القاهرة.
[3] المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات، لابن الحاج (1 / 238) طـ (دار الكتب العلمية) بيروت ـ لبنان.
[4] انظر: عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي، مطلع الجزء الثالث، من:
(1 المحرم / 1213: 5 جمادى الأولى 1216 هـ) طـ (مطبعة دار الكتب المصرية) القاهرة،
واقعنا المعاصر (199: 203) طـ (مؤسسة المدينة للصحافة والطباعة والنشر) السعودية.
[5] عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي (3/24 ــ 25) طـ (مطبعة دار الكتب المصرية) القاهرة.
[6] عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي (3/ 183) طـ (مطبعة دار الكتب المصرية) القاهرة.
[7] رواه مسلم (50).
[8] صحيح: رواه أحمد (17145)، وأبو داود (4606)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42).
[9] فتح الباري، لابن حجر (7 / 330) طـ (دار الحديث) القاهرة.
[10] ــ وجُلُّ المروي من الأخبار في ولادة النبي (صلى الله عليه وسلم) ما بين الموضوع والمنكر والضعيف، وحتى النزر اليسير الذي سلم من ذلك مُختلَف فيه.
[11] وكان ريتشارد روني -السفير الأمريكي في مصر- يواظب على حضور مولد البدوي وغيره من الموالد في مطلع الألفية الثالثة، وصرَّح بأنه حضر مولد النبي في الحسين، وأيضًا القنصل الأمريكي من بعده، وغيرهم من الساسة.
هذه الأخبار موثقة في هذه الروابط وغيرها:
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2005/11/19/30830.html
https://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=36537
https://www.elwatannews.com/news/details/1943595?t=push
- ولذلك قال بعض المحتلين من حكام فرنسا في الجزائر:
(إن الحكومة الفرنسية تُعظِّم زاوية من زوايا الطرق -الصوفية- أكثر من تعظيمها لثَكنة جنودها وقوادها، وإن الذي
يحارب الطرق إنما يحارب فرنسا).
انظر: الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا (صـ 51 ــ 52).