عنوان الفتوى : حكم قتل أسرى الحرب
أولا: جزيل الشكر لجهودكم. ثانيا: أود الاستفسار عن إجابة سؤال رقم: 2530188. ثالثا: سؤالي الجديد: ما هو حكم قتل أسرى الحرب في الإسلام؟ وكيف يتم تفسير قتل سبعين ألف أسير في معركة "أليس"، والتي كانت بقيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه-(كتاب البداية والنهاية مجلد-6)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نود أن ننبه على أن تفاصيل معركة أليس، كعدد الأسرى والقتلى وكيفية قتلهم وسببه، ذكرها المؤرخون، كابن كثير، وابن الأثير، وابن الجوزي، وابن خلدون، والكلاعي، وغيرهم، نقلًا عن تاريخ الطبري، والطبري ـ رحمه الله ـ رواها من طريق سيف بن عمر التميمي، وسيف على شهرته في التاريخ واعتماد الناس عليه، إلا إنه غير مقبول الرواية، كحال الواقدي، قال عنه أبو حاتم الرازي: متروك الحديث؛ يشبه حديثه حديث الواقدي. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة ... يروي الموضوعات عن الأثبات. وقال الحاكم: اتهم بالزندقة، وهو في الرواية ساقط.
وقد قال الطبري في مقدمة تاريخه: فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا. اهـ.
هذا أولًا.
وأما ثانيًا: فأسرى الحرب من الرجال يخير فيهم الأمير بين أمور ثلاثة: المنِّ، أو الفداء، أو القتل. يفعل أيها أصلح للمسلمين في جهادهم وأحوالهم، سواء أكان عددهم كبيرًا أم صغيرًا.
والذي يطلع على سير أحداث الفتح في جبهة العراق، وما لقيه خالد بن الوليد والمسلمون من نصارى العرب وتحالفهم مع الفرس، وعودة الفارّين منهم للتجمع وقتال المسلمين مرة أخرى .. هذا مع قلة عدد المسلمين وكثرة أعداد أعدائهم بأضعاف مضاعفة ـ من أدرك ذلك أدرك أهمية قتل هؤلاء الأسرى من الناحية العسكرية؛ مراعاة لأحوال الحرب وقواعدها الحازمة، وعقوبة لهم على ما ظهر منهم قبل المعركة من استهانتهم بالمسلمين، ثم ردعًا لمن وراءهم من جيوش الفرس.
ويبقى أن نذكر بأن هذه المعركة وأخواتها لم يخضها المسلمون أصلًا بدافع دنيوي، وإنما إعلاءً لكلمة الله، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وقد بين ذلك واحد من جنود الإسلام في الصدر الأول، وهو: ربعي بن عامر، لما سأله رستم قائد الفرس: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبَى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله. قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبَى، والظفر لمن بقي.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 199777، 120465.
وأما السؤال الذي ذكرت رقمه فقد أُجيب عنه، ورقم فتواه هو: 277966.
والله أعلم.