عنوان الفتوى : هل السبي مخصوص بالنساء المقاتلات فقط دون غيرهن
السبي هل يكون للنساء المقاتلات فقط؟ أم يكون لنساء الدولة المحاربة؟ ولماذا سمح الرسول صلى الله عليه وسلم بسبي نساء يهود بني قريظة؟ أليس هنالك زوجات مغلوبات على أمرهن لا يردن القتال فلماذا يتم سبيهن؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أن من النساء من هي مغلوبة على أمرها ولا تريد القتال، فمن الرجال كذلك من يشارك في الحرب مجبرا، ومنهم من يكون مع الجيش ولا يشارك في القتال أصلا، ولكن التفريق بين هؤلاء وغيرهم حال قيام الحرب غير ممكن، فيكون الأصل هو التسوية بين الرجال فيكون حكمهم واحدا، وكذلك التسوية بين النساء فيكون حكمهن واحدا، ثم لا يخفى أن نساء كل قوم يكن تبعا للرجال في الرأي، ويقفن في صف قومهن غالبا، فيعادين من يعاديهم، ويسالمن من يسالمهم، فكما يؤسر الرجل إذا ظفر به المسلمون حيا، فكذلك تسبى المرأة، وفي ذلك نفع للمسلمين بما في السبي من معنى المالية والخدمة والتقوي على العدو، وإمكانية مفاداة أسرى المسلمين بهن، وفيه أيضا نفع للمسبية حيث تبقى في مجتمع تقترب فيه من الإسلام، وتأمن فيه من الضيعة، ولا سيما إن قتل رجال قومها أو أسروا. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 213583.
وقد جاء في السنة ما يشير إلى اشتراك النساء والصبيان مع الرجال، ليس في حكم الأسر وحده، بل في بعض صور القتل الذي لا يحصل فيه التحيز والتمايز بين الرجال والنساء، كالتبييت ـ وهو مهاجمة العدو ليلا ـ فعن الصعب بن جثامة ـ رضي الله عنهما ـ قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بودان وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ قال: هم منهم. رواه البخاري ومسلم. وأما إذا حصل التمايز فحكم القتل يختلف بين الرجال والنساء في الحرب، فالرجال يقتلون، وأما النساء فالأصل أنه لا يجوز قتلهن، إلا إذا شاركت أو أعانت إحداهن على القتال فتقتل.
جاء في (الموسوعة الفقهية): كان السبي موجودا قبل الإسلام، فقيده الإسلام بشروط، وخصه بحالة الحرب... والقتال في سبيل الله تعالى شرع لإعلاء دين الحق وكسر شوكة الأعداء، والأصل أن من لم يشارك في القتال فلا يقتل، ولذلك يمنع التعرض للنساء والأطفال وأمثالهم من العجزة الذين لا يشاركون في القتال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا امرأة". ويستثنى من هذا جواز قتل من يشارك في القتال من النساء والصبيان أو يحرض على القتال. اهـ.
وأخيرا ننبه على أن كثيرا من الأحكام المتعلقة بالسبي والرقيق، يشق فهمها على كثير من المعاصرين لعدم وجود هذه الفئة من الناس في عصرنا هذا، مما أدى إلى غياب التصور الصحيح عن طبيعة المجتمعات والعلاقات بين الأمم في العصور السابقة، وراجع لتتمة الجواب الفتويين التالية أرقامهما: 219475، 265936.
والله أعلم.