عنوان الفتوى : الحكمة من عدم منع الإسلام مسألة السبي في الحروب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لي صاحبٌ مسلم مشكك في كثير من القضايا ويثير، بل يصنع الشبهات، أتناقش معه كثيراً، وفي أغلب مسائل الوجودية الإلهية أدحض شبهاته لإلمامي بالفلسفة، لكن أثار قضية الرق في الإسلام ورددت عليه بأن الإسلام شرع أبوابا كثيرة للعتق ورغّب فيه، فرد علي بالنص هكذا قائلاً: نعم هذا صحيح، لكن الإسلام يُحرر من هنا ويستعبد من هناك، يقصد سبايا الحروب والغزوات، فما هو الرد في رأيكم؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبداية ننبه على الفرق العظيم بين أن يبتدئ الإسلام تشريعا لم يكن معروفا أو معمولا به، وبين أن يأتي على أمر واقع معمول به فيلغي بعض صوره ويضبط بعضها، وأمر آخر، وهو أن قدرا كبيرا من المغالطات الفكرية تقع في أذهان كثير ممن يتناول قضية الرق، بسبب عدم إدراك طبيعة المجتمعات البشرية قديما أيام وجود الرق، وعدم العلم بأحكام الشريعة الإسلامية وهديها في معالجة قضية الرق، ولذلك فإننا ننصح الأخ السائل بمراجعة كتاب متخصص في بيان أبعاد هذه القضية، ككتاب: نظام الرق في الإسلام ـ للشيخ عبد الله ناصح علوان، وكتاب: الإسلام محرر العبيد ـ للأستاذ حمدى شفيق، وكتاب: شبهات حول الإسلام ـ للأستاذ محمد قطب في الجزء الخاص بهذه الشبهة تحت عنوان: الإسلام والرق ـ وقد تناول مؤلفه جواب ما استفسر عنه السائل، فكان مما قال: لقد جفف الإسلام منابع الرق القديمة كلها، فيما عدا منبعاً واحداً لم يكن يمكن أن يجففه، وهو رق الحرب ولنأخذ في شيء من التفصيل، كان العرف السائد يومئذ هو استرقاق أسرى الحرب أو قتلهم، وكان هذا العرف قديماً جداً، موغلاً في ظلمات التاريخ، يكاد يرجع إلى الإنسان الأول، ولكنه ظل ملازماً للإنسانية في شتى أطوارها، وجاء الإسلام والناس على هذا الحال، ووقعت بينه وبين أعدائه الحروب، فكان الأسرى المسلمون يسترقون عند أعداء الإسلام، فتسلب حرياتهم، ويعامل الرجال منهم بالعسف والظلم الذي كان يجري يومئذ على الرقيق، وتنتهك أعراض النساء لكل طالب، يشترك في المرأة الواحدة الرجل وأولاده وأصدقاؤه من يبغي الاستمتاع منهم، بلا ضابط ولا نظام، ولا احترام لإنسانية أولئك النساء أبكاراً كن أم غير أبكار، أما الأطفال ـ إن وقعوا أسرى ـ فكانوا ينشأون في ذل العبودية البغيض، عندئذ لم يكن جديراً بالمسلمين أن يطلقوا سراح من يقع في أيديهم من أسرى الأعداء، فليس من حسن السياسة أن تشجع عدوك عليك بإطلاق أسراه، بينما أهلك وعشيرتك وأتباع دينك يسامون الخسف والعذاب عند هؤلاء الأعداء، والمعاملة بالمثل هنا هي أعدل قانون تستطيع استخدامه، أو هي القانون الوحيد، ومع ذلك فينبغي أن نلاحظ فروقاً عميقة بين الإسلام وغيره من النظم في شأن الحرب وأسرى الحرب ... اهـ.

ثم فصل المؤلف في ذلك فراجعه للفائدة.

والله أعلم.