عنوان الفتوى : شبهات متهافتة حول الشذوذ واللواط
أرجو أن تشرحوا هذا الكلام في الجواب الكافي لابن القيم "في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد، ولأن يقتل المفعول به خير له من أن يؤتى، فإنه يفسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا، ويذهب خيره كله، وتمص الأرض ماء الحياء من وجهه، فلا يستحي بعد ذلك من الله ولا من خلقه، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن" هذا بجانب بعض التخاريف التي لم أجدها في حديث قط أن الملائكة تهرب عند هذا الفعل والجبال تعج ..إلخ، ولكن كلامي في النقطة الأولى ألا يتعارض هذا الكلام مع صفات الله العدل وأن الله لا يخلق شيئا عبثا إذا كان لا خير في لماذا الله خلقني،, أليس كان من الأفضل ألا يخلقني؟ فضلا أن أعيش في هذا العذاب الذي لم أختره ولا يرجى صلاحي؟ وإلا ـ حسب منطق ابن القيم ـ أن الله قدر للمثليين الذين أصبحوا هكذا بسبب التحرش أو أي سبب آخر هذه الميول ليعذبهم؛ لأن الله هو من يقدر كل شيء، ويتعارض كلامه بشكل مباشر مع صفات الله وكمال عدله ورحمته، وقدر لي وأمثالي أن يحدث تحرش جنسي رغم أني لم أمارس اللواط بمعنى الشرعي ولا مرة في حياتي، وأي سبب آخر ـ بدون تدخل الشخص ـ يجعل الشخص مثليا، وقد يكون الشخص اختار هذه الميول والفعل لعدم القدرة على الزواج مثلا إلخ، ولكن أنا أتحدث عن نفسي وأمثالي الذين لم يختاروا ميولهم لنفس الجنس ولا يمارسوها ألا يعتبر ذلك تعارضا بين صفات الله ـ حسب منطق اْبن القيم ـ أني ليس في خير وليس هناك سبيل للتغيير إذا لما خلقني الله أصلا، وقدر لي الاعتداء الجنسي وهذه الميول، وفي نفس الوقت حسب كلام ابن القيم لا يوجد سبيل للتغيير؟! الله غني عن تعذيب الناس، ولكن حسب كلامه فإن الله خلقنا لنعذب حتى الموت سواء مارست ميولي أم كنت من أولياء الله, ثانيا يتحدث عن حد اللواط وكأن إثباته سهل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" (6/95)" والشهادة على الزنا لا يكاد يقام بها حد، وما أعرف حدًا أقيم بها، وإنما تقام الحدود إما باعتراف وإما بحبل "فما بالكم باللواط الذى لا يثبت إلا ب4 شهود أو 4 إقرارت لم يرجع عنها صاحبها بدون ضغط؟! والذين فقدوا كل معاني الإنسانية الذين يظنون أن الدين يسمح بتحريق في اللواط أو الإلقاء من مكان عال وتجاهلوا كلام ابن حزم و غيره؟! من وجهة نظر الإسلام أليس أنا كمثلي لي حقوق مذكورة في أحاديث مثل المساعدة والاحترام وعدم التحقير وحق التوبة والدخول عموما إلى الجنة، وحق الحياة والصلاة و الحج بغض النظر عن توجهي الجنسي؟ من وجهة نظر العلم لا يوجد شيء اسمه الميول المثلية مرض، وهذه مصيبة علينا لأنه إن لم تكن مرضا فلا يوجد لها علاج حسب المنطق الديني (ما أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً) فهل من وجهة نظر الدين أنا مريض أم فقط شخص يريد التغيير وليس عليه ذنب؟ أرجو أن تكون إجابة هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، ويكفيك شر نفسك .. ونعيذك بالله تعالى من أسباب الضلالة والجهالة، ونوصيك أن تنشغل بما ينفعك، وتجتهد في إصلاح حالك والاستقامة على طاعة ربك سبحانه، ولا نرى من المناسب أن نخوض في كل جزئيات سؤالك؛ ففيها جانب كبير من الخطأ والمغالطة! ويكفينا أن نلفت نظرك إلى أن ما استنكرته من كلام ابن القيم، لو أكملته لوجدت بعده بقليل ما ينفعك ويجيب عن جانب من إشكالك، حيث تعرض ـ رحمه الله ـ بعد ما نقلته عنه لخلاف العلماء في دخول الجنة للمفعول به، ثم قال: والتحقيق في المسألة أن يقال: إن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب، ورزق توبة نصوحا وعملا صالحا، وكان في كبره خيرا منه في صغره، وبدل سيئاته بحسنات، وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات، وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات، وصدق الله في معاملته، فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب، حتى الشرك بالله وقتل أنبيائه وأوليائه والسحر والكفر وغير ذلك، فلا تقصر عن محو هذا الذنب، وقد استقرت حكمة الله تعالى به عدلا وفضلا أن: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنى، أنه يبدل سيئاته حسنات، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب، وقد قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد. ولكن هذا في حقّ التائبين خاصة اهـ.
ولذلك فإننا نشدد على السائل في أن يعود باللائمة على فهمه هو لكلام أهل العلم، لا على أهل العلم أنفسهم، فهم أرشد وأقرب إلى الإصابة، واتهام النفس أقرب إلى السلامة!
وعلى أية حال فبقية جزئيات السؤال قد سبق لنا الجواب عنها، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 267901، 157241، 272242، 259276، 259735، 265111، 266764، 252112. فإن بقي بعدها إشكال معين حقيقي ولا يقصد من ورائه التحامل على شرع الله تعالى وحَمَلَتِه فلا حرج أن ترسل إلينا به.
والله أعلم.