عنوان الفتوى : انشغال المبتلى بالتعافي خير من انشغاله بما يقال عنه
أرجوكم أن تجدوا حلا لي، أنا أعانى من شدة البلاء والاضطهاد، فالله جمع علي بلاء المجتمع، وبلاء ميولي الجنسية، وفوق كل هذا بلاء الصبر ودعاة السوء، فمنذ مدة سافر داعية إلى أمريكا، وطبعا حتى يجعل حلقته ترضي الناس فذهب وشتم المثليين بدلا من قول كلمة حق ترضي الله، قال كلام يرضي المجتمع حتى يحصل على المال ونسبة مشاهدة عالية، أنا أريد الانتحار، لا أستطيع تحمل المزيد، كل شخص يريد الشهرة والمال يتكلم عنا، ويفتخرون بكثرة عددهم و قوتهم علينا، وينسون الله، بل أصبح هذا الشخص قدوة لهم، فيدخلون على الصفحات والمجموعات الدينية والتعافي الخاصة بنا التي يديرها رجال دين أصلا، ويمارسون هوايتهم في تعذيبنا، وأنا كل هذا لم أختر ميولي، والناس تعاملني بهذه الطريقة، ويهددون بحرقي ورميي من مكان عال؛ رغم أن هناك خلافا في حد اللواط، وأن جمهور الفقهاء على الرجم وليس هذا الكلام، ولا يعرفون أصلا أن ليس هناك ذنب علي، أو أن شروط الحد مستحيلة النصوص في كتب الفقهاء تحرق قلبي، حرفيا فيقول الإمام ابن القيم في السياسة الشرعية: إذا رأى الإمام تحريق اللوطي فله، ذلك لا أصدق أن هناك إنسانا طبيعيا يفكر بهذه الطريقة، لا أستطيع تخيل حتى أن الله فعلا أنزل حدا كذلك، إذًا لما كان كتب علي هذه الميول، فهذه النصوص تؤثر علي حتى وإن كنت تقيا! أنا أقنع نفسي أن الله سوف يتفهم موقفي عند الانتحار بسبب ما يفعله الناس في أمثالي، فمعظم المجتمع ضدي، ولقد زاد هذا الشخص عليه من الله ما يستحق البلاء علينا، فبدلا أن يقول الحقيقة قال وجهة نظره الشخصية الجاهلة البعيدة عن الدين والعلم التي ترفضنا أساسا، بل قام بالهجوم والتعالي والاستحقار ثم يصف نفسه بالمصلح! بل هو من أشد المفسدين، فمجرد كلامه هذا شجع الملايين على فعل مثل ما فعله، فبما تنصحوني مع العلم أني بسبب هذا الشخص رجعت من طريق التعافي إلى ما تحت نقطة الصفر، وهذه ليست أول مرة، وفقدت الأمل في الزواج، ولا أستطيع تحمل صعوبة الحياة، رغم أن ديني يضمن لي كثيرا من الحقوق، ولم آخذ منها أي شيء، وعندي كثير من الأسئلة، لماذا الله قدر لي هذه الميول ثم يتركني هكذا؟ رغم أني لا أفعل شيئا يضر أحدا، وملتزم بالدين، ويترك هؤلاء يفعلون فينا ما يريدون، هل سوف يقتص الله لنا من كل هؤلاء؟! هذا الشخص يعرض وجهة نظره الشخصية مبنية على أساس من الخرافات بدلا أن يقول إن هذه الميول ليست اختيارا ولا أي معلومة صحيحة في كلامه أساسا مما جعل الملايين يتكبرون علينا مثل ما فعل، لا أصدق أن الله يترك أمثال هؤلاء يفعلون ذلك، ونحن لا ذنب لنا، يفرحون بكثرة عددهم وقوتهم، وإني ليس لي أحد إلا الله وبعض المتدينين، ثم يستغربون لماذا ننتحر مما يفعلون فينا، خصوصا أنهم لا يعرفون أن حد اللواط يحتاج إلى أربعة شهود، وأن الله لن يعاقبني لأني لا أفعل أي شيء من ذلك، ويتمسكون بما يرضي هواهم مثل الرمي والحرق، ويتجاهلون أن الجمهور على الرجم، يأخذون من الدين ما يرضيهم، وإني أستغرب أن معظمهم هؤلاء يفعلون ذلك على سبيل التكبر والشماتة، وليس إقامة الحجة و الرحمة!.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشرح صدرك، ويغفر لك ذنبك، وأن يسددك إلى الفطرة، ويدخلك الجنة.
ونود أن ننبهك إلى أن الواجب عليك أن تصب جهدك كله في الخلاص من هذه الحال، مع الثقة التامة بالله، والتوكل عليه والإنابة إليه، والبحث عن وسيلة حقيقية للتداوي، ويمكن مراجعة طبيب نفسي ثقة، وراجع كذلك للأهمية قسم الاستشارات من موقعنا، وأما أن تشغل نفسك بما يقوله الآخرون عمن ابتلي بهذه الفاحشة، أو أنك تعالج ذلك بالانتحار، فهو تلبيس من الشيطان لا يزيدك إلا بعدا عن الله وعن العلاج، وانظر الفتوى رقم: 53157.
ومجمل ما ذكرته في سؤالك قد أجبنا عنه في فتوى سابقة، فلا وجه لتكرار الكلام. فراجعها برقم: 252112.
وكذلك قد ناقشنا كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ الذي أشرت إليه، وهو في كتابه: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، فراجع الفتوى رقم: 259735.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 198711، في وسائل التعافي من الشذوذ الجنسي، والفتوى رقم: 182687، في حكمة تشريع عقوبة اللواط .
والله أعلم.