بعض ما يخفيه دان براون في (الجحيم)!
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيملا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
يبدو الفن أحد وسائل الترفيه، وفي الحقيقة الفن أحد أهم وسائل التوجيه، فالفن يؤرخ، والفن يوجه، والفن ينفي ويثبت.
وكاتب الرواية خطيب يتحدث على ألسنة "أبطال" روايته، والقارئ يتلى عليه، ولا يقاوم الأفكار من الناس إلا القليل.
فلا أحد يمارس النقد خارج تخصصه.
وتأتي الرواية في مقدمة الأدوات الفنية التي يأتيها الناس طلبًا للترفيه أو إمضاءً للوقت وفي الغالب تؤثر في مفاهيمهم وتصوراتهم، وبالتالي اختياراتهم وتوجهاتهم.
فالفن هو الدائرة الثالثة في دوائر التغيير الثلاث؛ في المقدمة صناعة الفكرة من قبل المفكرين والمجتهدين، وفي الوسط النخبة توزع منتوجات المفكرين على المثقفين، ثم يأتي الفن والإعلام عمومًا بأدواته وينتقي بعقلانية من بضاعة المثقفين والمفكرين ويوزع على العوام فيصنع الحياة.
والقوة قوة أدوات وليس فقط قوة فكرة.ويأتي الكاتبُ الأمريكي"دان براون" في مقدمة الموجهين للجماهير من خلال فن الرواية، يوزع على العوام فكرة رئيسية في كل رواية، وغالبًا ما تكون غير التي يشير إليها عنوان الرواية، يتسلل لعقل القارئ من الباب الخلفي ويغرس فكرةً بهدوء تامٍ، يضعها، ويظل حولها يغذيها حتى تنبت وتستقر!!
ويغرس "دان برواو" من خلال روايته في (الجحيم) واحدة من أقبح الأفكار وأشرسها.
يدندن حول أخلاقية إبادة البشر بالأمراض خوفًا من الانفجار السكاني.
هذه هي فكرته الرئيسية التي يحاول غرسها..
نشر الأمراض الفتاكة لحماية البشرية من خطر الانفجار السكاني!!
ينقل عن ساسة الغرب حديثهم عن محدودية الموارد وازدياد الطلب عليها، وأن الحياة بعد قليل ستتوقف، لأننا لن نجد ما نأكله ولا ما نشربه..
ستنتهي الموارد.
فخير لنا أن نقتل الناس بالأمراض والأسلحة الفتاكة..
نقتل النصف - أو الثلث - ليحى النصف الآخر!!
هذا ما يدور في خلدهم، وإن الإفصاح عن عقيدةٍ كهذه يجعلنا نصدق ما يتردد عن أنهم وراء نشر الأمراض الفتاكة التي تودي بحياة الملايين من الناس وخاصة في دول الجنوب - أو العالم الثالث -، مثل الإيدز، والكبد الوبائي، والسكر، والضغط.
حينًا ينشرون الميكروبات المميتة "الحرب البيولوجية"، وحينًا يمنعون العقاقير.
يتاجرون بالمرض ويتاجرون في الموت!!
وهل الموارد محدودة تنقص يومًا بعد يوم كما يدعي هؤلاء؟
إطلاقًا؛ بل تزداد يومًا بعد يوم، فالله بارك في الأرض وقدر فيها أقواتها، يقول الله تعالى عن الأرض:{وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت من الآية:10]، ويومًا بعد يوم تخرج الخير بإذن ربها، حين احتاج الناس للطاقة تفجرت من الصحراء والبحار واهتدى الإنسان لأشكالٍ أخرى من الطاقة كالشمس ومصاب الأنهار، ومكنه ربه من ركوب البحر والجو.
واستخراج المعادن النفيسة من الأرض يستخدمها في الزراعة (الأملاح)، ويستخدمها في الحلي (الذهب) وفي التصنيع الحربي وانتاج الطاقة.
أين الخلل إذًا؟
الخلل في هؤلاء الذين يرون أننا نحن الفقراء عبئًا عليهم، وأن نصفنا أو ثلثنا يستحق القتل بالأمراض أو بمنع الإنجاب - حسب الخلاف بين "أبطال" الرواية، الأخيار في الرواية يريدون منع النسل بالحبوب والأشرار يريدون قتل الناس بالأمراض، والأثنان مجمعان على هدف واحد -.
إن هذه الحضارة التي تستثقل الفقراء هي السبب، هي التي حركت المال في يد فئة قليلة من الناس فأصبح العالم يعاني من الفقر مع كثرة الموارد، ويعاني المرض مع تطور صناعة الدواء، ويعاني الخوف مع تطور وسائل الأمن، ويعاني من أزمة في السكن مع أن أكثر المعمورة غير مأهول بالسكان.
هم سبب رئيسي في الخوف والمرض والفقر، ويريدون التخلص من الضحية، وصدق الله العظيم {وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا} [الإسراء من الآية:100].