عنوان الفتوى : حقيقة ودلالة توسل عمر بالعباس
لماذا لا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء إلى الله تبارك وتعالى، وقد قال عمر رضي الله عنه: وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، ولم يقل باسمه العباس رضي الله عنه؟ وقد قال الإمام أحمد مما ذكر في منسك المروزي: واسأل الله حاجتك بنبيه صلى الله عليه وسلم تقض من الله. ولم يثبت أن السلف أنكروا التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الدعاء؛ لكون هذا لم يرد به دليل، فالتوسل بالجاه ليس من التوسل المشروع، وحديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنه خير دليل على ذلك، إذ لو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم مشروعا لفعله عمر رضي الله عنه، ولم يعدل عنه إلى التوسل بالعباس. ثم إنه لم يتوسل بجاه العباس وإنما توسل بدعائه، هذا الذي كان يفعله الصحابة عند توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته؛ كما في حديث الأعرابي. وراجع الفتوى رقم: 110372 والفتوى رقم: 4413.
وقد بينت بعض الروايات حقيقة توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما وأنه توسل بدعائه.
ومن ذلك ما نقله الحافظ العسقلاني رحمه الله في "الفتح" حيث قال: قد بين الزبير بن بكار في "الأنساب" صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث)، قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس. اهـ.
ولعل عمر- رضي الله عنه- حين توسل بالعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يظهر لأهل البيت مكانتهم.
ولذلك قال الصنعاني في سبل السلام: وفيه فضيلة العباس، وتواضع عمر ومعرفته لحق أهل البيت رضي الله عنهم.اهـ.
وقد يكون قد قصد أن دعاءه أرجى للإجابة لكونه مع صلاحه من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما ذكر بالسؤال من كلام الإمام أحمد فالنقل عنه صحيح، وقد ورد عنه رحمه الله رواية بجواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرى بالمنع، وليس الأخذ بهذه أولى من الأخذ بالأخرى، والمعتبر منهما ما أيده الدليل.
ومسألة التوسل بالجاه من مسائل الخلاف السائغ، والمنع هو المرجح عندنا. وانظر الفتوى رقم: 112724.
والله أعلم.