عنوان الفتوى : شروط وجوب دعوة الكفار إلى الإسلام قبل القتال
من المعلوم أنه في جهاد الطلب يجب دعوة الكفار إلى الإسلام أولا ثم الجزية ثم القتال، لكن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوة الكفار إلى الإسلام ثم إلى الجزية قبل القتال واجبة في جهاد الدفع كجهاد الطلب، لكن ذلك مشروط بشرطين:
1 - أن لا يفاجئوا المسلمين ويباغتوهم بالقتال.
2 - أن لا تبلغهم دعوة الإسلام ولو إجمالا، فإذا بلغتهم الدعوة لم تطلب دعوتهم على الراجح، وقيل تستحب.
قال الخرشي: ومحل الدعوة ما لم يعاجلونا بالقتل وإلا قوتلوا من غير دعوة، لأنها حينئذ حرام.
وفي المدونة: قلت لعبد الرحمن بن القاسم: هل كان مالك يأمر بالدعوة قبل القتال؟ قال: نعم، كان يقول: لا أرى أن يقاتل المشركون حتى يدعوا، قلت: ولا يبيتون حتى يدعوا؟ قال: نعم، قلت: وسواء إن غزوناهم نحن أو أقبلوا هم إلينا غزاة فدخلوا بلادنا، لا نقاتلهم نحن في قول مالك حتى ندعوهم؟ قال: قد أخبرتك بقول مالك ولم أسأله عن هذا، وهذا كله سواء عندي.
وقال ابن جزي: وأما من بلغتهم فلا يدعون وتلتمس غرتهم. وقال قوم: يجب أن يدعوا مطلقا. وقال قوم: يستحب.
وقال في الإقناع: وتسن الدعوة قبل القتال لمن بلغته، ويحرم قبلها لمن لم تبلغه، وقيد ابن القيم وجوبها واستحبابها بما إذا قصدهم المسلمون - أما إذا كان الكفار قاصدين فللمسلمين قتالهم من غير دعوة دفعا عن نفوسهم وحريمهم.
وبهذا تعلم أنه إذا كان هجوم هؤلاء الكفار على المسلمين حصل مباغتة بحيث صار المسلمون يخشون على أنفسهم وحريمهم، فإنه لا تجب الدعوة حينئذ، وإذا كان الكفار قد قصدوا إلى المسلمين لقتالهم ولم يخش منهم المسلمون مباغتة، ولم يكن هؤلاء قد بلغتهم الدعوة فإنه تجب حينئذ في هذه الحال دعوتهم قبل القتال.
هذا وننبه إلى أن المراد من بلوغ الدعوة بلوغها إجمالا وليس تفصيلا، لأن ذلك الواجب عند دعوتهم إلى الإسلام، قال خليل ممزوجا بعليش: ودعوا بضم الدال والعين أي الكفار قبل القتال للإسلام إجمالا من غير تفصيل الشرائع.
والله أعلم.