عنوان الفتوى : حكم ترك الجهاد لإعالة الوالدين
شيخنا الفاضل: شاب إخوته في ساحات الجهاد، ولم يبق إلا هو يعيل أبويه العجوزين. هل هو آثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهاد في سبيل الله من أعظم شعائر الإسلام، ومن أفضل الأعمال عند الله، وهو ينقسم إلى فرض كفاية، وفرض عين. ففرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ولا يجوز إلا بإذن الوالدين المسلمين، لما روي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أجاهد، قال: لك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد. متفق عليه.
وقد يصير الجهاد فرض عين على كل مسلم رجلاً كان أو امرأة، بالغاً أم صبياً، وذلك:
1/ إذا هجم العدو على بقعة من بلاد المسلمين مهما صغرت، وجب على أهل تلك البقعة دفعه وإزالته، فإن لم يستطيعوا وجب على من بقربهم وهكذا... حتى يعمَّ الواجب جميع المسلمين، ولا نعني بالبلد، أو البقعة النطاق الجغرافي الرسمي لكل بلد، فبلد الإسلام من شرقه إلى غربه بلد واحد، وأمة الإسلام أمة واحدة، فلو قدر أن بلداً في دولة إسلامية تعرض لغزو وكان محاذياً لبلد في دولة أخرى، لكان الوجوب أسرع إلى البلدة المحاذية منه إلى المدن الأخرى البعيدة.
2/ إذا أعلن الإمام (الحاكم) النفير العام لزمهم النفير معه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ {التوبة:38}، وقال صلى الله عليه وسلم: ".. وإذا استنفرتم فانفروا" متفق عليه.
3/ وإذا التقى الصفان أو الجيشان، فإن من أكبر الكبائر هروب المسلم من ساحة المعركة. قال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات.. وعدّ منها "التولي يوم الزحف" رواه البخاري. وانظر فتوانا رقم: 7730.
وعليه، فإذا كان الجهاد فرض كفاية فلا إثم على الشاب المذكور في البقاء لإعالة والديه العجوزين, بل المتعين عليه هو البقاء معهما إذا خشي عليهما الضرر من ذهابه عنهما. وإن كان فرض عين فيلزمه الخروج للجهاد والله تعالى يتولى أمر والديه.
والله أعلم.