عنوان الفتوى : حالات تعين الجهاد
لقد سألتكم من قبل عن حكم الجهاد إذا دخل العدو أرض المسلمين. هل يكون الجهاد فرض عين ؟ وهل بلاد المسلمين تعم جميع أراضي المسلمين؟ وهل هذا مقصود العلماء السابقين الذين يخافون الله في فتواهم؟ أريد تحديد مراد العلماء السابقين من قولهم أرض المسلمين؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المواضع التي يتعين فيها الجهاد أن ينزل الكفار ببلد، فيجب على جميع أهله القادرين أن يجاهدوا.
قال في المغني: إذا نزل الْكُفَّارُ بِبَلَدٍ، تَعَيَّنَ عَلَى أَهْلِهِ قِتَالُهُمْ وَدَفْعُهُمْ. انتهى.
فالوجوب العيني إنما يتعلق بأهل البلد التي نزل بها الكفار، وأما من عداهم فإن لم يكف أهل البلد، ولم يقدروا على الدفع عن أنفسهم وجب على من يليهم أن ينفر منهم للدفع عنهم من تحصل به الكفاية.
قال في مغني المحتاج: ومن أَيْ: وَاَلَّذِينَ هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ) لِلْقَصْرِ فَأَكْثَرَ (يَلْزَمُهُمْ) فِي الْأَصَحِّ إنْ وَجَدُوا زَادًا وَمَرْكُوبًا (الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ) دَفْعًا عَنْهُمْ وَإِنْقَاذًا لَهُمْ. انتهى.
وقال في بلغة السالك: (وَ) تَعَيَّنَ أَيْضًا (بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ) . (وَ) تَعَيَّنَ (عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا) عَنْ دَفْعِ الْعَدُوِّ بِأَنْفُسِهِمْ، (وَإِنْ) كَانَ مَنْ فُجِئَ أَوْ مَنْ بِقُرْبِهِ (امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا). انتهى.
وبما ذكرناه تعلم أن الجهاد إنما يتعين على أهل البلد الذين نزل بهم العدو، فإن لم تحصل بهم كفاية وجب الجهاد على من يليهم بحيث تحصل الكفاية ويندفع العدو.
وأما بخصوص السؤال الأخير فلم يكتمل، فأعد إرساله إلينا كاملا حتى يتسنى لنا أن نجيبك عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.