عنوان الفتوى : قتل النفوس يخضع لحكم العزيز العليم سبحانه
هل يحل الإسلام قتل القاتل أو الزاني وما هي الشروط؟وإذا هناك من يقول أن ليس لأحد الحق في قتل شخص حتى إذا ارتكب هذه الجرائم بحجة أن الله هو من يعاقب فقط. فماذا الرد عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحل قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن ذلك ما سأل عنه السائل: قتل القاتل قصاصا، وقتل الزاني المحصن، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة. متفق عليه.
فأما قتل القاتل، فهذا يكون إذا كان القتل عمدا وعدوانا، ولم يعفُ أحد من أولياء الدم، وإذا وجب القصاص فلا يقيمه إلا السلطان أو نائبه، وراجع في بيان الحكمة والرحمة في الاقتصاص من القاتل الفتوى رقم: 148731. وفي موجبات قتل النفس الفتوى رقم: 72397.
وأما قتل الزاني فهو خاص بالمحصن، ولا يقام الحد عليه إذا أنكره إلا بشهادة أربعة من المسلمين العدول الذكور الأحرار، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 57860، 4469.
وراجع لبيان الأدلة العقلية والنقلية على حد الزنا وبيان السر في كونه بالرجم الفتويين رقم: 26483، 55931.
وأما من قال: (ليس لأحد الحق في قتل شخص حتى إذا ارتكب هذه الجرائم، بحجة أن الله هو من يعاقب فقط). فهو يحتاج إلى التنبيه على أن قتل هؤلاء إنما هو حكم الله تعالى، فليس مستنده قانونا وضعيا أو عرفا اجتماعيا، وإنما هو ما أراده السائل من منع إعطاء أحد من البشر الحق في إزهاق النفوس، وأن يكون ذلك حقا خالصا للخلاق العليم سبحانه وتعالى القائل: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ {الأنعام: 151}
وقد بينت آية أخرى أن من الحق التي تزهق به النفوس: القصاص، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى {البقرة: 178} فهذا من عقوبة الدنيا التي فرضها الله، مع عقوبة الآخرة التي بينها بقوله عز وجل: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* {الفرقان:69}.
والله أعلم.