عنوان الفتوى : الترهيب من الاستيلاء على جميع او بعض ميراث البنات
لي أختان ونريد توزيع الميراث بيني وبينهما، ولكن الجاري في بلدنا أن لا يتم محاسبة البنات بسعر القيراط الموجود حاليا يعنى لو أن سعر القيراط 15000 يتم محاسبتهن على 10000 فماذا لو كانتا راضيتان ومسامحاتان لأنني أخوهن الوحيد وليس لي مصدر دخل إلا الأرض وهذا الموضوع دارج في بلدنا، وبعضهن يوافقن عن سماحة نفس وبعضهن مجبرات من كلام شيوخ البلد وكبار العائلة: لابد أن تتركن لأخيكن فهو وحيد ولكي تأتين فتجدن البيت مفتوحا في أي وقت وهذا الكلام. وكنت أنوي ذلك وهن لم يصدقن أن يحصلن على أي شيء لأن هناك ناسا لا يحرمون البنات الميراث. ولكن قال لي أحد الأصدقاء أنه لا بد أن يأخذن حقهن بالكامل وبالهللة حتى لو لهن في النخلة لازم يأخذنها سواء سامحن أو لم يسامحن، وأرهبني بأن قال لي مسألة الميراث فظيعة لأن الله قال في القرآن: صلوا ولم يذكر كيفية الصلاة وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال إيتاء الزكاة ولم يقل في كتابه الحكيم كيف نزكي . وقال حجوا ولم يقل كيف نحج. ولكن علمنا معلم البشرية. ولكن في مسألة الميراث فسرها لنا ربنا تفسيرا تفصيليا في القرآن الكريم فإياك وأكل الميراث؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما نصحك به أخوك صحيح، لأن المواريث تولى ربنا سبحانه قسمتها في كتابه ولم يكل أمرها إلى نبي مرسل أو ملك مقرب وختم آيتها بقوله محذرا ومنفرا: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ *وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ. {النساء:13،14}.
وقد بين الله تعالى حق البنات مع إخوانهن فقال: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:11} فيجب عليك أن تقسم التركة وفق ما أمر الله وبين في كتابه ولا اعتبار لجري العرف بغير ذلك كما قال العلامة محمد مولود اليعوبي الشنقيطي:
فالعرف إن صادم أمر الباري * وجب أن ينبذ بالبراري
إذ ليس بالمفيد جري العيد * بخلف أمر المبدئ المعيد
لكن إذا طابت أنفسهن لك بشيء من حقهن وتنازلن عن ميراثهن أو بعضه فلا حرج عليك في أخذه، لكن قد يغلبهن الحياء فيتركن لك شيئا وأنفسهن لا تطيب به فلا يحل لك أخذه إذ المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا.
قال الإمام الغزالي رحمه الله: إن الغصب نوعان: غصب استيلاء، وغصب استحياء، فغصب الاستيلاء أخذ الأموال على جهة القهر والغلبة، وغصب الاستحياء هو أخذه بنوع من الحياء، وهما حرامان لأنه لا فرق بين الإكراه على أخذ الأموال بالسياط الظاهرة، وبين أخذه بالسياط الباطنة . انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر.
والأولى والذي ننصحك به هو أن تؤدي إلى أخواتك حقهن في الميراث كاملا غير منقوص سواء حسب بالقيراط أو غيره إذ الضابط فيه هو أن للذكر مثل حظ الأنثيين بأي حساب كان ذلك أو أي ميزان.
والله أعلم.