عنوان الفتوى : أبوهم يسبهم هم وأمهم ويقذفهم ويدعو عليهم
أفتوني حفظكم الله في والدي الذي يؤذينا دائماً بلسانه يسبنا بالكلام القبيح ويقذف والدتي وأختي بين اليوم والآخر بكلام مشين لها ولأهلها ويدعو الله أن يفشلنا في حياتنا نحن ووالدتنا ويهددنا أنه سيحرقنا بلسانه ونحن والله لم نفعل له شيئا ويشكو الناس بأننا نظلمه. بدأنا نكرهه والله نعم كرهناه ووالدتي كرهت معاشرته فهي الآن تنام مع إخوتي الصغار فهل عليها وزر؟ وماذا نفعل؟ حفظكم الله وهل دعواه مقبولة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان والدك بهذه الصفات فهو سيء الخلق، فإن السب والقذف أمر محرم مناف لخلق المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. متفق عليه.
كما أن الدعاء على الأولاد أمر مخالف للشرع، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم... رواه مسلم في صحيحه.
كما أن إساءة معاملة زوجته أمر مخالف للشرع، قال الله تعالى: ... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. {النساء:19}، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... استوصوا بالنساء خيراً. رواه البخاري ومسلم.
لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، فمهما كان سوء خلق الوالدين وبعدهما عن الدين فإن على الولد أن يعاملهما معاملة حسنة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15}، ثم اعلم أنك إن التزمت حدود الله في معاملته فإنه لا يضرك دعاؤه عليك أو عدم رضاه عنك.
أما عن أمك فإن عليها أن تؤدي حقه وتطيعه في المعروف، وتنصحه وتذكره بما يجب عليه نحوها من حسن العشرة، فإن لم يتغير فيمكنها أن ترفع أمرها لمن يؤثر عليه من أقاربه أو غيرهم من أهل الدين، فإن لم يتغير وكانت متضررة فإن لها أن تطلب الطلاق، ولكن ننبه هنا إلى أن الزوجة إن صبرت على ذلك فهي مأجورة مثابة عند الله عز وجل.. وننبه إلى أنها لا يجوز لها أن تمتنع عن زوجها إذا دعاها إلى الفراش ، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
والله أعلم.