عنوان الفتوى : حكم بيع الحر نفسه للدائن لسداد دينه
لقد سمعت أن أحدا قد قام ببيع نفسه لسداد الدين الذي عليه فهل هذا يصح؟ أنا أعرف أن 3 حالات لملك اليمين، فهل هذه ضمن الحالة الثالثة يسدد دينا عليه لا يملك له المال ولا يستطيع أن يسدده أحد عنه ؟ أو أنه دخل مقابل شيء فاضطر أن يبيع نفسه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز استرقاق حر في دَيْنٍ عليه، ولو برضاه، قال الحموي في غمز عيون البصائر: لا يجوز استرقاق الحر برضاه لما فيه من إبطال حق الله تعالى. اهـ.
وقال منلا خسرو في درر الحكام: والحكم بالحرية الأصلية حكم على الكافة أي كافة الناس حتى لا تسمع دعوى الملك من أحد, كذا العتق وفروعه فإن الحرية حق الله تعالى حتى لا يجوز استرقاق الحر برضاه. اهـ.
وكذا قال ابن الهمام في فتح القدير والكاساني في بدائع الصنائع.
فالأصل في الإنسان الحرية لا الرق، وقد اتفق الفقهاء على أن اللقيط إذا وجد ولم يعرف نسبه يكون حرا وإن احتمل أنه رقيق، قال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على أن اللقيط حر.
وقال ابن قدامة: لأن الأصل في الآدميين الحرية، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحرارا، وإنما الرق لعارض، فإذا لم يعلم ذلك العارض فله حكم الأصل. اهـ.
والحرية حق لله تعالى فلا يقدر أحد على إبطاله إلا بحكم الشرع، فلا يجوز إبطال هذا الحق، ومن ذلك أنه لا يجوز استرقاق الحر ولو رضي بذلك.
وأما أسباب تملك الرقيق الثلاثة فهي:
أولا : استرقاق الأسرى والسبي من الأعداء الكفار ... ولا يجوز ابتداء استرقاق المسلم؛ لأن الإسلام ينافي ابتداء الاسترقاق ؛ لأنه يقع جزاء لاستنكاف الكافر عن عبودية الله تعالى فجازاه بأن صيره عبد عبيده.
ومما يلحق بذلك استرقاق الحربي الذي دخل إلينا بغير أمان، والذمي الناقض للذمة لأنه بذلك عاد حربيا.
ثانيا : ولد الأمة من غير سيدها يتبع أمه في الرق، سواء أكان أبوه حرا أم عبدا، وهو رقيق لمالك أمه، لأن ولدها من نمائها، ونماؤها لمالكها، وللإجماع.
ثالثا : الشراء ممن يملكه ملكا صحيحا معترفا به شرعا، وكذا الهبة والوصية والصدقة والميراث وغيرها من صور انتقال الأموال من مالك إلى آخر. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية .
والله أعلم.