عنوان الفتوى : حكم سكوت الإمام بعد القراءة قبل ركوعه
أصلي إمامًا بالناس في المسجد, وقد أنكر عليَّ بالأمس أحد المصلين السكتة التي أسكتها قبل الركوع (وهي تقدر بحوالي ثانيتين أو ثلاثة) وسألني عن الدليل , فقلت له إني لا أسكتها ظناً مني أنها سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم , ولكني تعودت على ذلك في الصلاة فقال لي إنها إن لم تكن سنة فقد تدخل في شبهة البدعة فبحثت على الإنترنت فوجدت أن هناك حديثا عن سمرة بن جندب يروي هذه السكتة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن هذا الحديث مختلف في صحته , فمنهم من يقول بضعفه واضطرابه ومنهم من يقول بصحته, والشيخ الألباني ضعفه فما الحكم في هذه السكتة ؟ هل هي سنة أم بدعة ؟
خلاصة الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء رحمهم الله تعالى في سكتات الإمام في الصلاة الجهرية والتي منها السكتة قبل الركوع بين من يرى استحبابها ومن يرى كراهتها، فذهب الحنابلة والشافعية وابن حزم من الظاهرية إلى استحبابها على اختلاف بينهم في عددها مستدلين بحديث الحسن عن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان سكتة حين يفتتح الصلاة وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع.. والحديث رواه أحمد واللفظ له وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني وابن أبي شيبة والحاكم في المستدرك وقال عنه الذهبي: على شرطهما.
قال ابن قدامة في المغني: السكتة قبل الركوع: فصل إذا فرغ من القراءة قال أحمد رحمه الله يثبت قائما ويسكت حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له سكتتان سكتة عند افتتاح الصلاة وسكتة إذا فرغ من القراءة وهذا هو حديث سمرة كذلك رواه أبو داود وغيره.
وذهب إلى عدم مشروعية السكتات بما فيها التي قبل الركوع المالكية والحنفية لعدم ثبوت الأحاديث عندهم في ذلك.
والذي نراه صوابا أن السكتة التي بعد تكبيرة الإحرام ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة كما بينا في الفتوى رقم: 11227، وأما السكتة بعد الفاتحة ليتمكن المأموم من قراءتها فقد رجحنا في الفتوى رقم: 22283، كراهتها وأنها غير مشروعة، وأما السكتة قبل الركوع فإن القائلين بمشروعيتها ينصون على أنها خفيفة جدا بحيث يتراد إليه النفس كما مضى في قول ابن قدامة وكما قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: سكتة لطيفة جدا ليفصل بها بين القراءة وتكبيرة الركوع. والأمر فيها سهل فمن عمل بها اعتمادا على من قال بمشروعيتها فحسن ومن تركها فلا بأس عليه والأمر فيها واسع ولا يمكن القول ببدعيتها لاسيما وأن حديث سمرة قد صححه وحسنه كثير من العلماء الكبار.
والله أعلم.