Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73


بلغ المهاجرين في الحبشة أن قريشا قد أسلمت، فرجعوا إلى مكة في شوال من نفس السنة التي هاجروا فيها، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار وعرفوا جلية الأمر رجع منهم من رجع إلى الحبشة، ولم يدخل في مكة من سائرهم أحد إلا مستخفيا، أو في جوار رجل من قريش‏.
‏ ثم اشتد عليهم وعلى المسلمين البلاء والعذاب من قريش، وسطت بهم عشائرهم، فقد كان صعبا على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن الجوار، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى‏.
‏ واستعد المسلمون للهجرة مرة أخرى، حاولت قريش إحباط عملية الهجرة الثانية بعد غزوة بدر بيد أن المسلمين كانوا أسرع، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن يدركوا‏.
‏ هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلا، وثماني عشرة أو تسع عشرة امرأة.

فأرسلت قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة قبل أن يسلما، وأرسلوا معهما الهدايا المستطرفة للنجاشي ولبطارقته، وبعد أن حضرا إلى النجاشي قدما له الهدايا، ثم كلماه فقالا له‏:‏ أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم؛ لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم.

وعاتبوهم فيه،‏ وقالت البطارقة‏:‏ صدقا أيها الملك، فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى قومهم وبلادهم‏.
‏ فأرسل النجاشي إلى المسلمين، ودعاهم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصدق كائنا ما كان،‏ فقال لهم النجاشي‏:‏ ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل ‏؟‏ قال جعفر بن أبي طالب -وكان هو المتكلم عن المسلمين‏:‏ أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية؛ نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، وعدد له محاسن ما جاءهم به صلى الله عليه وسلم، ثم قال: فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك‏.
‏ فقال له النجاشي‏:‏ هل معك مما جاء به عن الله من شيء‏؟‏ فقال له جعفر‏:‏ نعم‏.
‏ فقال له النجاشي‏:‏ فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من: (سورة مريم) فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي‏:‏ إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون -يخاطب عمرو بن العاص وصاحبه- فخرجا، فلما خرجا قال عمرو بن العاص لعبد الله بن أبي ربيعة‏:‏ والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم‏.
‏ فقال له عبد الله بن أبي ربيعة‏:‏ لا تفعل، فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفونا.

ولكن أصر عمرو على رأيه‏.
‏ فلما كان الغد قال للنجاشي‏:‏ أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح ففزعوا، ولكن أجمعوا على الصدق، كائنا ما كان، فلما دخلوا عليه وسألهم، قال له جعفر‏:‏ نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم‏:‏ هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول‏.
‏ فأخذ النجاشي عودا من الأرض ثم قال‏:‏ والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود.

فتناخرت بطارقته، فقال‏:‏ وإن نخرتم ‏.
‏ ثم قال للمسلمين‏:‏ اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي -والشيوم‏:‏ الآمنون بلسان الحبشة- من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبرا من ذهب وإني آذيت رجلا منكم -والدبر‏:‏ الجبل بلسان الحبشة-‏ ثم قال لحاشيته‏:‏ ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها، فوالله ما أخذ الله منـي الرشـوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشـوة فيــه، وما أطاع الناس في فأطيعـهم فيه‏.
‏ قالت أم سلمة: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار‏.


أخرج الترمذي في سننه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب قال وكان أحبهما إليه عمر)) وروى أهل السير أن عمر خرج يوما متوشحا سيفه يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجل فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا.

قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر? إن أختك وختنك قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر إليهما، وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها: سورة [طه] يقرئهما إياها، فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، وسترت فاطمة أخت عمر الصحيفة، وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا.

قال: فلعلكما قد صبوتما, فقال له ختنه: يا عمر، أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا, فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها، فقالت، وهي غضبى: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.

فلما يئس عمر، ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحيا، وقال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالت أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم فقال: أسماء طيبة طاهرة.

ثم قرأ [طه] حتى انتهى إلى قوله: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.

فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عنده، ثم خرج المسلمون معه في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها.


اختلف أهل السير في وقتها على قولين، فقيل: في السنة السابعة.

وهو قول ابن إسحاق وغيره، وقيل: في السنة السادسة.

وهو قول مالك وغيره.

قال ابن القيم: والجمهور على أنها في السابعة.

وقال ابن حجر: وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بينهما بأن من أطلق سنة ست بناء على أن ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الأول.

عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، قال: فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، فإني لأرى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل القرية قال: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».

قالها ثلاث مرات، قال: وقد خرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد، والله -قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: محمد، والخميس- قال: وأصبناها عنوة، وجمع السبي، فجاءه دحية فقال: يا رسول الله، أعطني جارية من السبي.

فقال: «اذهب فخذ جارية».

فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيد قريظة والنضير! ما تصلح إلا لك، قال: «ادعوه بها».

قال: فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «خذ جارية من السبي غيرها».

قال: وأعتقها وتزوجها.
.
.
" عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر، فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين».

وقد جعل الله تعالى فتح خيبر على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود: أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها".

فأبقاهم النبي صلى الله عليه وسلم في أرضهم ولهم النصف.


في أثناء غزوة خيبر حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، وأخبر أنها رجس، وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور بلحومها، وأمر بغسل القدور بعد، وأحل حينئذ لحوم الخيل وأطعمهم إياها, كما نهى صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء.


عن أبي موسى رضي الله عنه قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم -إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي- فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا.

فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا -أو قال: فأعطانا منها- وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.


لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث -امرأة سلام بن مشكم- شاة مصلية، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع، فلاك منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال: (إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم).

ثم دعا بها فاعترفت، فقال: (ما حملك على ذلك؟).

قالت: قلت إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر، فتجاوز عنها.

وكان معه بشر بن البراء بن معرور، أخذ منها أكلة فأساغها، فمات منها, واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وأجمعوا بأنه تجاوز عنها أولا، فلما مات بشر قتلها قصاصا.


بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية كتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام, ولما أراد أن يكاتبهم قيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا وعليه خاتم، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة، نقشه: محمد رسول الله، وكان هذا النقش ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « فكأني بوبيص -أو ببصيص- الخاتم في إصبع النبي صلى الله عليه وسلم -أو في كفه-».

واختار من أصحابه رسلا لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم، فقرأ الكتاب ولم يسلم, وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس، فلما قرئ الكتاب عليه مزقه، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مزق الله ملكه).

وقد كان كما قال, وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما أعطاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه ووضعه على عينه، ونزل عن سريره على الأرض، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية, فأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج، وختم عليه، ثم كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا, ولم يسلم, وأهداه جاريتين هما مارية، وشيرين وسيرين، وبغلة تسمى دلدل.

وبعث عمرو بن العاص السهمي إلى جيفر وعياد عباد ابني الجلندي الأزديين ملكي عمان، فأجابا إلى الإسلام جميعا، وصدقا النبي صلى الله عليه وسلم, وبعث سليط بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة, فرد عليه ردا دون رد، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك).

وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين فلما أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم, وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام, فلما بلغه الكتاب رمى به وقال: من ينزع ملكي مني؟ أنا سائر إليه, ولم يسلم.

واستأذن قيصر في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فثناه عن عزمه، فأجاز الحارث شجاع بن وهب بالكسوة والنفقة، ورده بالحسنى, وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن وقد أسلم هو وأخواه جميعا.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بقديد، وكان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد، فبعثت هذه السرية لأخذ الثأر، فشنوا الغارة في الليل فقتلوا من قتلوا، وساقوا النعم، وطاردهم جيش كبير من العدو، حتى إذا قرب من المسلمين نزل مطر، فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين.

ونجح المسلمون في بقية الانسحاب.


أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى قيصر الروم وكان حامل الكتاب هو دحية بن خليفة الكلبي، فلما كان من قيصر ما كان أجاز دحية بن خليفة الكلبي بمال وكسوة، ولما كان دحية بحسمى في الطريق لقيه ناس من جذام، فقطعوها عليه، فلم يتركوا معه شيئا، فجاء دحية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بيته فأخبره، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى حسمى، وهي وراء وادي القرى، في خمسمائة رجل، فشن زيد الغارة على جذام، فقتل فيهم قتلا ذريعا، واستاق نعمهم ونساءهم، فأخذ من النعم ألف بعير، ومن الشاة خمسة آلاف، والسبي مائة من النساء والصبيان.

وكان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبيلة جذام موادعة، فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء هذه القبيلة بتقديم الاحتجاج إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد أسلم هو ورجال من قومه، ونصروا دحية حين قطع عليه الطريق، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه، وأمر برد الغنائم والسبي.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن -محل بينه وبين مكة أربع ليال بطريق صنعاء يقال له: تربة-.

وأرسل صلى الله عليه وسلم دليلا من بني هلال فكان يسير الليل ويكمن النهار، فأتى الخبر لهوازن فهربوا، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه محالهم فلم يجد منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة فلما كان بمحل بينه وبين المدينة ستة أميال قال له الدليل هل لك جمع آخر من خثعم؟ فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، إنما أمرني بقتال هوازن.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك، في ثلاثين رجلا.

وخرج إليهم واستاق الشاء والنعم، ثم رجع فأدركه الطلب عند الليل، فرموهم بالنبل حتى فني نبل بشير وأصحابه، فقتلوا جميعا إلا بشيرا، فإنه حمل وبه رمق إلى فدك، فأقام عند يهود حتى برأت جراحه، فرجع إلى المدينة.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية غالب بن عبد الله الليثي، إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة بالميفعة، وقيل إلى الحرقات من جهينة في مائة وثلاثين رجلا؛ فهجموا عليهم جميعا، وقتلوا من أشرف لهم، واستاقوا نعما وشاء، وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد أن قال: لا إله إلا الله.

فلما قدموا وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، كبر عليه وقال: (أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟!).

فقال: إنما قالها متعوذا قال: (فهلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟).


بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسير بن رزام اليهودي يجمع غطفان ليغزو بهم المدينة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في ثلاثين راكبا إلى يسير بن رزام حتى أتوه بخيبر، فقالوا: أرسلنا إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملك على خيبر, فلم يزالوا به حتى تبعهم في ثلاثين رجلا مع كل رجل منهم رديف من المسلمين، فلما بلغوا قرقرة نيار ندم يسير بن رزام فأهوى بيده إلى سيف عبد الله بن رواحة، ففطن له عبد الله بن رواحة فزجر بعيره ثم اقتحم يسوق بالقوم، حتى استمكن من يسير فضرب رجله فقطعها، واقتحم يسير وفي يده مخراش من شوحط فضرب به وجه عبد الله بن رواحة فشجه شجة مأمومة, وانكفأ كل رجل من المسلمين على رديفه فقتله، غير رجل واحد من اليهود أعجزهم شدا ولم يصب من المسلمين أحدا، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شجة عبد الله بن رواحة فلم تقيح ولم تؤذه حتى مات.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة، وسبب ذلك أن رجلا من جشم بن معاوية أقبل في عدد كبير إلى الغابة، يريد أن يجمع قيسا على محاربة المسلمين، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حدرد مع رجلين ليأتوا منه بخبر وعلم، فوصلوا إلى القوم مع غروب الشمس، فكمن أبو حدرد في ناحية، وصاحباه في ناحية أخرى، وأبطأ على القوم راعيهم حتى ذهبت فحمة العشاء، فقام رئيس القوم وحده، فلما مر بأبي حدرد رماه بسهم في فؤاده فسقط ولم يتكلم، فاحتز أبو حدرد رأسه، وشد في ناحية العسكر وكبر، وكبر صاحباه وشدا، فما كان من القوم إلا الفرار، واستاق المسلمون الثلاثة الكثير من الإبل والغنم.


قال ابن عباس رضي الله عنهما: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا.

قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.

وفي هذه العمرة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سليم سرية ابن أبي العوجاء، في خمسين رجلا، وذلك ليدعوهم إلى الإسلام؛ فقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا، ثم قاتلوا قتالا شديدا.

جرح فيه أبو العوجاء، وأسر رجلان من العدو.