كان أول ما بدئ به الوحي هو الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم إنه صلى الله عليه وسلم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو في غار حراء ويتحنث فيه متعبدا، حتى جاءه جبريل عليه السلام وهو في الغار بقوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5) } [العلق: 1 - 6].

فقص ذلك على زوجته خديجة التي قصت ما حدث على ورقة بن نوفل فصدقه، وقال: إنه الناموس الأكبر الذي جاء موسى، ثم انقطع الوحي فترة من الزمن، ثم عاد إليه جبريل وهو قاعد على كرسي، فخاف منه النبي صلى الله عليه وسلم ورجع إلى أهله قائلا: زملوني زملوني.

فأنزل الله تعالى: {ياأيها المدثر (1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5)} [المدثر: 1 - 5].

فكان ذلك أول النبوة والأمر بالتبليغ.


هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، من خير نساء الدنيا، أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام -أو طعام أو شراب- فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

كانت خديجة أول من أسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم.

آمنت به إذ كفر به الناس، وآوته إذ رفضه الناس، وصدقته إذ كذبه الناس، ورزقه الله منها الولد: القاسم، والطيب، والطاهر، ماتوا رضعا، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة, توفيت رضي الله عنها وأبو طالب في عام واحد، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بموتهما, فكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسكن إليها.

«توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين، فلبث سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين» توفيت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في مكة، ودفنت بالحجون.


أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سرية إلى سيف -ساحل- البحر، أمر عليها حمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين راكبا من المهاجرين، وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبيض، وكان حامله أبا مرثد كناز بن حصين الغنوي رضي الله عنه، وكان هدف هذه السرية اعتراض عير لقريش جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاث مئة رجل، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص -اسم موضع قرب المدينة على ساحل البحر- فالتقوا واصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني -وكان حليفا للفريقين جميعا- بين هؤلاء وهؤلاء، حتى حجز بينهم، فلم يقتتلوا.

وقد كانت سرية حمزة رضي الله عنه في وقت واحد مع سرية عبيدة بن الحارث رضي الله عنه إلى رابغ.


شرع الله سبحانه وتعالى زكاة الفطر, وهي واجبة على كل مسلم حر أو عبد، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير من المسلمين قادر عليها.

والحكمة منها تطهير الصائم مما عسى أن يكون قد وقع فيه أثناء الصيام من لغو أو رفث، وإعانة للفقراء على إدخال السرور عليهم في يوم العيد.


كانت عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد، زوجة يزيد بن زيد بن حصن الخطمي، تعيب الإسلام وتؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحرض عليه.

وكانت تطرح المحايض في مسجد بني خطمة؛ فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها، فنذر عمير بن عدي لئن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر إلى المدينة ليقتلنها، وقد فعل رضي الله عنه وأرضاه.

فلما رجع عمير وجد بنيها في جماعة يدفنونها.

فقالوا: يا عمير، أنت قتلتها؟ قال: "نعم، فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فوالذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم".

فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة، وكان يستخفي بإسلامه فيهم من أسلم، فكان أول من أسلم من بني خطمة عمير بن عدي، وهو الذي يدعى القارئ.


ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من المسلمين لاعتراض قافلة قريش القادمة من الشام التي كان يرأسها أبو سفيان الذي علم بعد ذلك بخروج المسلمين، فأرسل إلى قريش يستنفرها لاستنقاذ تجارتهم كما غير طريقه لإنقاذ التجارة، ثم التقى المسلمون والمشركون عند ماء بدر، وهي مكان بين مكة والمدينة وهو أقرب إليها من مكة، وكان عدد المشركين يقارب الألف، وعدد المسلمين أكثر من ثلاثمائة، وبدأت المعركة بالمبارزة المشهورة، ثم بدأ القتال وكان شديدا، وقتل فيها صناديد قريش كأبي جهل، وأمية بن خلف، وغيرهما، حتى بلغ قتلاهم سبعون رجلا ومثلهم من الأسرى، وقتل أربعة عشر من المسلمين، وقيل: ستة عشر.

فكان النصر الكبير حليف المسلمين.

حيث نصرهم الله تعالى وأرسل ملائكة تقاتل معهم، أما الأسرى فأشار عمر بقتلهم، وأشار أبو بكر بفدائهم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر، ولكن الوحي نزل موافقا لرأي عمر، أما الغنائم فنزلت فيها سورة الأنفال.


هي رقية بنت سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وهي زوج عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكانت رقية أولا عند عتبة بن أبي لهب، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبو لهب ابنه بطلاقها، فتزوجها عثمان وهاجر بها إلى الحبشة.

ولما ندب رسول الله الناس للخروج لاعتراض قافلة أبي سفيان أمر عثمان أن يبقى عند رقية يمرضها ويعتني بها، وكان هذا هو سبب تخلفه، وقد أسهم له النبي صلى الله عليه وسلم كما أسهم لمن حضر بدرا، ثم ما لبثت رقية في مرضها حتى توفيت رضي الله عنها.


كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية على رأسها: أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأغار عليهم، وقتل وأسر وسبى، وكان من شياطينهم أم قرفة التي جهزت ثلاثين فارسا من أهل بيتها لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوا وسبيت ابنتها، ففدى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أسارى المسلمين في مكة.

أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا فزارة، وعلينا أبو بكر؛ أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا؛ فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة، فورد الماء، فقتل من قتل عليه، وسبى، وأنظر إلى عنق من الناس، فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل.

فلما رأوا السهم وقفوا، فجئت بهم أسوقهم.

وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم -أي: ثوب من الجلد-، معها ابنة من أحسن العرب، فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها.

فقدمنا المدينة، وما كشفت لها ثوبا، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق، فقال: "يا سلمة، هب لي المرأة".

فقلت: "يا رسول الله، والله لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبا"، ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق، فقال لي: "يا سلمة، هب لي المرأة لله أبوك!" فقلت: هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفت لها ثوبا.

فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناسا من المسلمين، كانوا أسروا بمكة.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية غالب بن عبد الله الليثي، إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة بالميفعة، وقيل إلى الحرقات من جهينة في مائة وثلاثين رجلا؛ فهجموا عليهم جميعا، وقتلوا من أشرف لهم، واستاقوا نعما وشاء، وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد أن قال: لا إله إلا الله.

فلما قدموا وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، كبر عليه وقال: (أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟!).

فقال: إنما قالها متعوذا قال: (فهلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟).


لما نقضت قريش ومن معها العهد الذين الذي بينهم وبين المسلمين في الحديبية عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إليهم، أمر الناس بالجهاز وأعلمهم أنه سائر لمكة، وقال: (اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها).

وزيادة في الإخفاء والتعمية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قوامها ثمانية رجال، تحت قيادة أبي قتادة بن ربعي، إلى بطن إضم، فيما بين ذي خشب وذي المروة، على ثلاثة برد من المدينة، في أول هذا الشهر الكريم؛ ليظن الظان أنه صلى الله عليه وسلم يتوجه إلى تلك الناحية، ولتذهب بذلك الأخبار، وواصلت هذه السرية سيرها حتى إذا وصلت حيثما أمرت بلغها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة، فسارت إليه حتى لحقته.


كان سببها أن المشركين نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغاروا على إحدى القبائل المحالفة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي قبيلة خزاعة، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر أمر الناس بالتجهز دون أن يخبرهم بوجهته، ثم مضى حتى نزل بمر الظهران وهو واد قريب من مكة.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد، وهو ماء بين عسفان، وقديد أفطر وأفطروا.

وكان أبو سفيان قد رأى جيش النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخوله مكة، فهاله ما رأى، ثم أسلم في أثناء ذلك، ثم جاء إلى قومه وصرخ فيهم محذرا لهم بأن لا قبل لهم بجيش محمد صلى الله عليه وسلم، وقال لهم ما قاله عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.

فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة.

وقد أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم بعض المشركين يوم الفتح، ووجد عليه الصلاة والسلام حول البيت ثلاثمائة وستين نصبا، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق، وما يبدئ الباطل وما يعيد).

وقد تفاوتت الروايات في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم عام الفتح، و الأرجح -والله أعلم- أنها كانت تسعة عشر يوما.


لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من هذا الشهر الكريم ليهدمها، وكانت بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني كنانة, وهي أعظم أصنامهم.

وكان سدنتها بني شيبان؛ فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسا حتى انتهى إليها فهدمها.

ولما رجع إليها سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل رأيت شيئا؟).

قال: لا.

قال: (فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها).

فرجع خالد متغيظا قد جرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: (نعم، تلك العزى، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا).


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى سواع ليهدمه، وسواع صنم لقوم نوح عليه السلام، ثم صار بعد ذلك لقبيلة هذيل المضرية, وظل هذا الوثن منصوبا تعبده هذيل وتعظمه, حتى إنهم كانوا يحجون إليه حتى فتحت مكة ودخلت هذيل فيمن دخل في دين الله أفواجا، وكان موضعه برهاط على قرابة 150 كيلو مترا شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن: ما تريد؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه.

قال: لا تقدر على ذلك.

قال: لم ؟ قال تمنع.

قال: حتى الآن أنت على الباطل؟ ويحك فهل يسمع أو يبصر؟ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله.


بعد أن تولى المثنى بن حارثة قيادة المسلمين وكان عمر رضي الله عنه يمده بالمقاتلين، التقى المثنى مع الفرس في البويب قرب الكوفة، وطلبت الفرس أن يعبر المسلمون إليهم، أو أن يعبروا هم إليهم، فاختار المثنى  أن يعبر الفرس فعبروا, وجرت معركة عنيفة هزم فيها الفرس هزيمة منكرة، وقتل منهم الكثير قتلا أو غرقا في النهر، وقتل فيها قائد الفرس مهران.


انتدب ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لعلي.

وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا، فتواثقوا أن لا ينكصوا، واتعدوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى بلد بها صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، وبقي ابن ملجم في الليلة التي عزم فيها على قتل علي يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى طلع الفجر، فقال له الأشعث: ضحك الصبح، فقام وشبيب فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فضرب عليا بسيفه المسموم على رأسه، فلما قتل أخذوا عبد الرحمن بن ملجم وعذبوه فقتلوه.

وكانت مدة خلافة علي خمس سنين، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ورضي عنه وأرضاه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.


بعد أن قتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه اتجه أهل الكوفة إلى الحسن بن علي فبايعوه بالخلافة، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي في الخلافة ستة أشهر، رأى خلالها تخاذل أصحابه، فرأى ضرورة اتفاق الأمة فآثر الصلح وتنازل لمعاوية بالخلافة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة، وكان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

فجزاه الله خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.


هي عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة في مكة؛ ولكن لم يدخل بها إلا في المدينة بعد الهجرة، لها من الفضائل الكثير، نزلت براءتها من السماء بآيات تتلى إلى يوم القيامة، توفيت في المدينة النبوية وأوصت أن تدفن ليلا، وصلى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة ودفنت في البقيع، وكانت من أفقه النساء، فجزاها الله خيرا عن الإسلام والمسلمين ورضي الله عنها وأرضاها، وكانت من المكثرين في الراوية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولها استدراكات على الصحابة معروفة.


لما غلب مروان بن الحكم على الشام وما حولها عهد بالخلافة لابنيه عبد الملك ثم من بعده عبد العزيز، فاستلم عبد الملك زمام الأمور التي كانت بيد والده ولكن لم تتم له الأمور كلها؛ لأن بعض المناطق ما زالت تدين بالخلافة لابن الزبير.


بدأ المختار بن أبي عبيد الثقفي بالدعوة لابن الحنفية ظاهرا؛ ولكنه تبين أنه يدعو لنفسه، فقد كون حوله جيشا قاتل فيه عبيد الله بن زياد، وكان المختار يصانع ابن الزبير حينا ليتقوى به على جيوش عبد الملك بن مروان، وحصلت معركة بين جيشه وجيش الشام عند نهر الحازر، قتل فيها ابن زياد، والحصين بن نمير، وشرحبيل بن زياد، ثم حصل اقتتال بين المختار وبين مصعب بن الزبير، والتقى الطرفان وهزم المختار وتراجع إلى الكوفة، وقتل فيها وانتهت فتنته بذلك.


بعث الحجاج كتابا إلى المهلب وعبد الرحمن بن مخنف يأمرهما بمناهضة الخوارج، فزحفوا إليهم وقاتلوهم شيئا من قتال، فانهزمت الخوارج كأنهم على حامية، ولم يكن منهم قتال، وساروا حتى نزلوا كازرون، وسار المهلب وابن مخنف حتى نزلوا بهم، وخندق المهلب على نفسه، وقال لابن مخنف: إن رأيت أن تخندق عليك فافعل.

فقال أصحابه: نحن خندقنا سيوفنا, فأتى الخوارج المهلب ليبيتوه فوجدوه قد تحرز، فمالوا نحو ابن مخنف فوجدوه لم يخندق فقاتلوه فانهزم عنه أصحابه، فنزل فقاتل في أناس من أصحابه, فقتل وقتلوا حوله كلهم.