دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقال له: "تجهز؛ فإني باعثك في سرية من يومك هذا، أو من الغد إن شاء الله تعالى"، فأصبح عبد الرحمن فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقعده بين يديه وعممه بيده، ثم عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء بيده، أو أمر بلالا يدفعه إليه، ثم قال له: "خذه باسم الله وبركته"، ثم حمد الله تعالى، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اغز باسم الله، وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله! ولا تغل -الغلول: هو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة-، ولا تغدر، ولا تقتل وليدا"، ثم أمره رسول الله أن يسير إلى بني كلب بدومة الجندل، فيدعوهم إلى الإسلام، وقال له: "إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم".

فسار عبد الرحمن رضي الله عنه بأصحابه وكانوا سبعمئة رجل، حتى قدم دومة الجندل؛ فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام؛ فلما كان اليوم الثالث أسلم رأسهم وملكهم الأصبغ بن عمرو الكلبي، وكان نصرانيا، وأسلم معه ناس كثير من قومه؛ فبعث عبد الرحمن رافع بن مكيث بشيرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بما فتح الله عليه وكتب له بذلك، وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وقدم بها المدينة، فولدت له بعد ذلك أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.


كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية على رأسها: أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأغار عليهم، وقتل وأسر وسبى، وكان من شياطينهم أم قرفة التي جهزت ثلاثين فارسا من أهل بيتها لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوا وسبيت ابنتها، ففدى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أسارى المسلمين في مكة.

أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا فزارة، وعلينا أبو بكر؛ أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا؛ فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة، فورد الماء، فقتل من قتل عليه، وسبى، وأنظر إلى عنق من الناس، فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل.

فلما رأوا السهم وقفوا، فجئت بهم أسوقهم.

وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم -أي: ثوب من الجلد-، معها ابنة من أحسن العرب، فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها.

فقدمنا المدينة، وما كشفت لها ثوبا، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق، فقال: "يا سلمة، هب لي المرأة".

فقلت: "يا رسول الله، والله لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبا"، ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق، فقال لي: "يا سلمة، هب لي المرأة لله أبوك!" فقلت: هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفت لها ثوبا.

فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناسا من المسلمين، كانوا أسروا بمكة.


في هذا العام كانت سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين، الذين قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا النعم؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم كرز بن جابر رضي الله عنه في عشرين فارسا.

عن أنس رضي الله عنه: أن رهطا من عكل وعرينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا أناس من أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، فاستوخمنا المدينة -لم يوافقهم جوها- فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود -إبل- وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من أبوالها وألبانها؛ فانطلقوا حتى إذا كانوا في ناحية الحرة قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود، وكفروا بعد إسلامهم؛ فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم -كحلها بمسامير محمية-، وتركهم في ناحية الحرة حتى ماتوا وهم كذلك.

وإنما سمر أعينهم لأنهم سمروا أعين الرعاء.


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل عقد صلح الحديبية بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة، وحمله على جمل له يقال له: الثعلب.

فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابيش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة، فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بها من بني عدي أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها؛ ولكن أدلك على رجل هو أعز مني عثمان بن عفان.

فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة ولقيه أبان بن سعيد بن العاص، فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به.

فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل).

 قال ابن عمر رضي الله عنهما:كانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان».

فضرب بها على يده، فقال: «هذه لعثمان».

وقال جابر بن عبد الله: كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مائة، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بيده تحت الشجرة، وهي سمرة.

وقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: «أنتم اليوم خير أهل الأرض».

ثم قال جابر: لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة.
  وعن معقل بن يسار قال: لقد رأيتني يوم الشجرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة.

وقد اختلفت الروايات في عددهم، فقال ابن حجر: (والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال: ألفا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال: ألفا وأربعمائة ألغاه).


خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قرابة ألف وأربعمائة من أصحابه يريدون العمرة فلما وصلوا إلى الحديبية - وهي تبعد عن مكة قرابة 22 كم - وصله الخبر أن هناك من يريد أن يقاتله، فقال: إنه لم يجئ لقتال؛ بل جاء معتمرا.

وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى مكة ليخبرهم بذلك، ثم شاع الخبر أن عثمان قتل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم أن يبايعوه على القتال، فبايعوه وهي بيعة الرضوان، ثم جاء المشركون إلى الحديبية وحصلت عدة مفاوضات بين رؤساء من المشركين وبين النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء سهيل بن عمرو فصالحه النبي صلى الله عليه وسلم على أن توضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، وعلى أن من أتى رسول الله من أصحابه من غير إذن وليه رده رسول الله عليهم، ومن أتى قريشا من أصحابه لم يردوه، وأن بينهم عيبة مكفوفة، أي: لا غش فيها، وأنه لا إسلال -يعني لا سرقة- ولا إغلال -يعني لا خيانة- وأن يرجع في عامه هذا دون أن يدخل مكة وله ذلك في العام القابل، يدخلها ثلاثة أيام معه سلاح الراكب لا يدخلها بغير السيوف في القرب.
.
.

ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينحروا ويحلقوا؛ ولكنهم لم يفعلوا حتى أشارت عليه أم سلمة رضي الله عنها أن يقوم هو بذلك دون أن يكلم أحدا فلما رأوه نحر تواثبوا إلى الهدي وفعلوا مثل ما فعل, ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة دون عمرة ودون قتال.


اختلف أهل السير في وقتها على قولين، فقيل: في السنة السابعة.

وهو قول ابن إسحاق وغيره، وقيل: في السنة السادسة.

وهو قول مالك وغيره.

قال ابن القيم: والجمهور على أنها في السابعة.

وقال ابن حجر: وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بينهما بأن من أطلق سنة ست بناء على أن ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الأول.

عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، قال: فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وانحسر الإزار عن فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، فإني لأرى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل القرية قال: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين».

قالها ثلاث مرات، قال: وقد خرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد، والله -قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: محمد، والخميس- قال: وأصبناها عنوة، وجمع السبي، فجاءه دحية فقال: يا رسول الله، أعطني جارية من السبي.

فقال: «اذهب فخذ جارية».

فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيد قريظة والنضير! ما تصلح إلا لك، قال: «ادعوه بها».

قال: فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «خذ جارية من السبي غيرها».

قال: وأعتقها وتزوجها.
.
.
" عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر، فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين».

وقد جعل الله تعالى فتح خيبر على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود: أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها".

فأبقاهم النبي صلى الله عليه وسلم في أرضهم ولهم النصف.


في أثناء غزوة خيبر حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، وأخبر أنها رجس، وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور بلحومها، وأمر بغسل القدور بعد، وأحل حينئذ لحوم الخيل وأطعمهم إياها, كما نهى صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء.


عن أبي موسى رضي الله عنه قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم -إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي- فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا.

فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا -أو قال: فأعطانا منها- وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.


لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث -امرأة سلام بن مشكم- شاة مصلية، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع، فلاك منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال: (إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم).

ثم دعا بها فاعترفت، فقال: (ما حملك على ذلك؟).

قالت: قلت إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر، فتجاوز عنها.

وكان معه بشر بن البراء بن معرور، أخذ منها أكلة فأساغها، فمات منها, واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وأجمعوا بأنه تجاوز عنها أولا، فلما مات بشر قتلها قصاصا.


بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية كتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام, ولما أراد أن يكاتبهم قيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا وعليه خاتم، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة، نقشه: محمد رسول الله، وكان هذا النقش ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « فكأني بوبيص -أو ببصيص- الخاتم في إصبع النبي صلى الله عليه وسلم -أو في كفه-».

واختار من أصحابه رسلا لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم، فقرأ الكتاب ولم يسلم, وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس، فلما قرئ الكتاب عليه مزقه، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مزق الله ملكه).

وقد كان كما قال, وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما أعطاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه ووضعه على عينه، ونزل عن سريره على الأرض، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية, فأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج، وختم عليه، ثم كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا, ولم يسلم, وأهداه جاريتين هما مارية، وشيرين وسيرين، وبغلة تسمى دلدل.

وبعث عمرو بن العاص السهمي إلى جيفر وعياد عباد ابني الجلندي الأزديين ملكي عمان، فأجابا إلى الإسلام جميعا، وصدقا النبي صلى الله عليه وسلم, وبعث سليط بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة, فرد عليه ردا دون رد، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك).

وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين فلما أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم, وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام, فلما بلغه الكتاب رمى به وقال: من ينزع ملكي مني؟ أنا سائر إليه, ولم يسلم.

واستأذن قيصر في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فثناه عن عزمه، فأجاز الحارث شجاع بن وهب بالكسوة والنفقة، ورده بالحسنى, وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن وقد أسلم هو وأخواه جميعا.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بقديد، وكان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد، فبعثت هذه السرية لأخذ الثأر، فشنوا الغارة في الليل فقتلوا من قتلوا، وساقوا النعم، وطاردهم جيش كبير من العدو، حتى إذا قرب من المسلمين نزل مطر، فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين.

ونجح المسلمون في بقية الانسحاب.


أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى قيصر الروم وكان حامل الكتاب هو دحية بن خليفة الكلبي، فلما كان من قيصر ما كان أجاز دحية بن خليفة الكلبي بمال وكسوة، ولما كان دحية بحسمى في الطريق لقيه ناس من جذام، فقطعوها عليه، فلم يتركوا معه شيئا، فجاء دحية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بيته فأخبره، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى حسمى، وهي وراء وادي القرى، في خمسمائة رجل، فشن زيد الغارة على جذام، فقتل فيهم قتلا ذريعا، واستاق نعمهم ونساءهم، فأخذ من النعم ألف بعير، ومن الشاة خمسة آلاف، والسبي مائة من النساء والصبيان.

وكان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبيلة جذام موادعة، فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء هذه القبيلة بتقديم الاحتجاج إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد أسلم هو ورجال من قومه، ونصروا دحية حين قطع عليه الطريق، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه، وأمر برد الغنائم والسبي.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن -محل بينه وبين مكة أربع ليال بطريق صنعاء يقال له: تربة-.

وأرسل صلى الله عليه وسلم دليلا من بني هلال فكان يسير الليل ويكمن النهار، فأتى الخبر لهوازن فهربوا، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه محالهم فلم يجد منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة فلما كان بمحل بينه وبين المدينة ستة أميال قال له الدليل هل لك جمع آخر من خثعم؟ فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، إنما أمرني بقتال هوازن.


بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك، في ثلاثين رجلا.

وخرج إليهم واستاق الشاء والنعم، ثم رجع فأدركه الطلب عند الليل، فرموهم بالنبل حتى فني نبل بشير وأصحابه، فقتلوا جميعا إلا بشيرا، فإنه حمل وبه رمق إلى فدك، فأقام عند يهود حتى برأت جراحه، فرجع إلى المدينة.