أرشيف المقالات

قلت لنفسي. . .

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
عجيبٌ أمر ابن آدم اليوم!! يكاد لا يعطف بعضه على بعض إلا المادة أو السطوة أو الشهوة! أما أُلفة الجنس للجنس، ومتعة الإنس بالإنس، وإجابة الحس للحس، فقد أصبحت في هذا الزمان، من الصفات الأثرية في الإنسان. كانوا يقولون إن الناس مع الزمان، يقبلون متى أقبل، ويدبرون متى أدبر.
فكنا نقول: كان ذلك والزمان كلب ٌيجري وراء سيده، ما دام الرغيف في يده.
أما اليوم فالزمان إنسان حر مفكر لا يتبع إلا المبدأ ولا يطيع غير الضمير.
ولكن الواقع وا أسفا علمنا أن الزمان لا يزال كلباً، وأن المال لا يزال رباً، وأن حكمة الأولين لا تزال صادقة!. لي صديقي من رءوس العراق المرفوعة بالفضل والنبل والكفاية، كان وهو في سلطان السيف وعزة القلم مرجع الرأي والهوى والحاجة.
فلما نكتبه في نفسه وأهله السياسة العشواء الجموح، تجرد كالسيف، وتفرد كالأسد، وأصبح فإذا الوجوه أقفاء، والأنصار أعداء، والأحياء في دنياه موتى؛ فلا رأس ينحني، ولا لسان يحي، ولا يد تصافح.
وظل وحده يعالج مرارة الحزن والحرمان والغربة حتى صحا الدهر من غفوته، ونهض الحظ من كبوته، فعاد إلى الوزارة، وعاد الناس إلى الزيارة، وقال الوجه الذي عبس وأشاح، والسان الذي ذم ونم: والله يا مولانا لا يعدُل حزننا لغيبتك، إلا فرحنا بأوبتك.

ثم انعكست الصفات في الصحف، فصارت الخيانة أمانة، والبلادة زكاتة، والعقوبة شهادة.
ابن عبد الملك

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١