عَذيرِي من العشرِينَ يَغمِزْنَ صُعدتي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عَذيرِي من العشرِينَ يَغمِزْنَ صُعدتي | و من نوب الايام يقرعن مروتي |
وَمِنْ هِمَمٍ أوْجَدْنَني في عَشِيرَتي | وَأكْثَرْنَ مَا بَينَ الأقارِبِ غُرْبَتي |
وَمِنْ عَزَماتٍ كلَّ يَوْمٍ يَقِفنَ بي | على كل باب للمقادير مصمت |
وَمِنْ مُهْجَة ٍ لا تَرْأمُ الضّيمَ مَرّة ً | يُعَجِّلُ عَنْ دارِ المَذَلّة ِ نَهْضَتي |
وَمِنْ لوْعة ٍ للحُبّ مَشحوذَة ِ الظُّبَى | إذا ضربت في جانب القوم ثنت |
و من زفرة تحت الشغاف مقيمة | إذا قُلْتُ قدْ وَلّى بِهَا الدّهرُ كَرّتِ |
تذكر أياماً مضين ولو فدت | بنان يدي تلك الليالي لفلت |
يخالسنا الأحباب حتى تقطعت | قَرَائِينُنَا، رَيْبَ الزّمَانِ المُشَتِّتِ |
وَلَمْ يَبْقَ لي إلاّ عُلَيْقُ مَضَنّة ٍ | أُدارِي اللّيَالي عَنْهُ إمّا ألَمّتِ |
فياليتها قد انسأته وليتها | عليه وإن لم ينجح يوماً اذمت |
سقى الله من أمسى على النأي علتي | و قد كان مع قرب المزار تعلتي |
أقِلْني، أقِلْني نَظرَة ً ما احتَسَبتُها | فقد انهلت قلبي غليلاً وعلت |
فَشَوْقاً إلى وَجْهِ الحَبيبِ تَلَهُّفي | وَمَيْلاً إلى دارِ الحَبيبِ تَلَفُّتي |
جرت خطرة منه على القلب كلما | زجرت لها العين الدموع ارشت |
و مرت على لبي فقلت لعلها | تُجَاوِزُني مَكْظُومَة ً، فاستَمَرَّتِ |
أُدارِي شَجاها كَيْ يُخَلّى مَكانُهُ | وَهَيهاتَ، ألقَتْ رَحلَها وَاطمَأنّتِ |
وَأعْلَمُ ما خاضَتْ يَدُ الدّهرِ للفَتَى | أمَرَّ مَذاقاً مِنْ فرَاقِ الأحِبّة ِ |
فكم زعزعتني النائبات فلم أزل | لها قدمي عن وطأة المتثبت |
وكم صاحب الأيام خلفي بروعة | فَصِرْتُ بِعَينِ الجازِعِ المُتَلَفّتِ |
تسل علي الحادثات سيوفها | فمن مغمد قد نال منى ومصلت |
زِمَامي بِكَفّ الدّهْرِ أتبَعُ خَطْوَهُ | و ما الدهر إلا مالك للأزمة |
وَقَدْ كُنْتُ آبَى أنْ أُقَادَ، وَإنّمَا | الان قيادي من الآن عريكتي |
فلا تشتموا أن يثلم الدهر جانبي | فاكثر مما مر مني بقيتي |
تحيف شوساً من عيون فاغمضت | و ذلل غلباً من رقاب فذلت |
فَآهٍ عَلى الدّنْيَا إذِ الجَدُّ صَاعدٌ | و اوه من الدنيا إذا النعل زلت |
الأهل اخيض الطرف يوماً بغمرة | إذا الخَيْلُ بالغُرّ الوُجُوهِ تَمَطّتِ |
و لم تلق فيها غير طعن مضجج | وَضَرْبٍ سَرِيعٍ بالمَنَايَا مُسَكِّتِ |
ترنُّ له هام الرجال وإن رمت | بِأعْيُنِهَا فِيهِ النّسَاءُ أرَنّتِ |
فسوف تراني طايرا في غبارها | عَلى سَابِحٍ تَهْفُو غَدائِرُ لِمّتي |
بِيَوْمٍ كَثِيرٍ بِالغُبَارِ عُطَاسُهُ | إذا ثوب الداعي قليل المشمت |
مَعارِكُ يُخدِجنَ المِهارَ، وَبعدَها | مناعي رجال ملقيات الأجنة |
وَرُمحي إلى الأعداءِ كَيدي، وَصَارِمي | جَنَانيَ يَوْمَ الرّوْعِ، وَالصّبرُ جُنّتي |
وَكلُّ غُلامٍ ذي جِلادٍ وَنَجدَة ٍ | و كل جواد ذي هبتات وميعة |
إذا ما الجياد الجرد اجرى لبانها | و شمصها وقع الظبا والأسنة |
فان عناني في يمين معود | عَلى عُقَبِ الأيّامِ قَوْدَ الأعِنّة ِ |
إذا اعترض المأمول من دونه الردى | شققت إليه الدارعين بمهجتي |
و غامست فيه لا أبالي لو أنني | تلقيت منه منيتي أو منيتي |
إذا سمحت بالموت نفسي فإنه | يقل احتفالي بالذي جر ميتتي |
وما ان أبالي ما جنى الدهر بعدما | يَبُلّ يَمِيني قَائِمٌ مِنْ صَفيحَتي |
فَمَا حَدَثَانُ الدّهرِ عندي بفاتِكٍ | ولاجنة القار عندي بجنة |
ألا لا أعُدّ العَيْشَ عَيشاً معَ الأذَى | لأنّ قَعيدَ الذّلّ حَيٌّ كَمَيّتِ |
يُخيفونَني بالمَوتِ، وَالمَوْتُ رَاحَة ٌ | لمن بين غربي قلبه مثل همتي |
فلا تبرزوا لي بالانوف فانني | معودة جدع الموارن شفرتي |
بنينا رواق المجد تعلو سموكه | لقد عظمت تلك المباني وجلت |
أقِلّوا عَلَيْنَا لا أباً لأِبيكُمُ | ولا ترشقونا باللتيا وباللتي |
تُرِيدُونَ أنْ نُوطى ، وَأنتُمْ أعِزّة ٌ | بأي كتاب أم باية سنة |
فإن كنتم منا فقد طال مليكم | قَدِيماً عَلى عِيدانِ تِلْكَ الأرُومَة ِ |
فَلا صُلْحَ حتّى تَسمَعوا مِنْ أزِيزِها | صواعق أما صكت الأذن صكت |
وَلا صُلْحَ حتّى يَنظُرُوا مِنْ زُهائِها | شواهق لا يبلغن صوت المصوت |
تَفَلَّتُ مِنْ أرْسَانِهَا وَالأجِلّة ِ | ثفلت من ارسانها والا جلت |
فَإنّي زَعِيمٌ للأعَادي بِمِثْلِهَا | وَذَلِكَ رَهْنٌ في ذِمامي وَذِمّتي |
فَيا مُنْبِتي هلْ أنْتَ بالعِزّ مُورِقي | حَنانَيكَ كمْ أبقَى ، وَقد طالَ منبتي |
أما كملت عند الخطوب تجارتي | أما خلصت عند الأمور رويتي |
أما انا موزون بكل خليفة | أرَى أنَفاً مِنْ أنْ يكونَ خَليفَتي |
ألَسْتُ مِنَ القَوْمِ الأولى قَد تَسَلّفوا | ديونَ العُلى قَبلَ الوَرَى في الأظِلّة ِ |
وَمَا خُلِقَتْ أقْدامُهُمْ وَأكُفُّهُمْ | لِغَيْرِ العَوَالي وَالظُّبَى وَالأسِرّة ِ |
ذَوو الجَبَهاتِ البِيضِ تَلمَعُ بَينَها | وُسُومُ المَعَالي وَالوُجُوهِ المُضِيئَة ِ |
أبَوْا أنْ يُلِمّ الذّلّ مِنْهُمْ بجانِبٍ | و ما العز لا للنفوس الابية |
وكم بين ذي انف حمي وحاملي | مَوَازِنَ قد عُوّدنَ جَذبَ الأخِشّة ِ |
بلى أنني من تعلمان وإنما | أرَى الدّهرَ يَعمَى عن بَيانِ فَضِيلتي |
فَخَرْتُ بنَفْسِي لا بِأهْلي مُوَفِّراً | على ناقصي قومي مناقب اسرتي |
وَلا بُدّ يَوْماً أنْ يَجيءَ فُجَاءَة ً | فلا تنظراني عند وقت موقت |
و والله لا كديت دون منالها | وَظَنّي بِربّي أنْ يُبِرّ ألِيّتي |