تَنَاسَيْتُ، إلاّ بَاقِيَاتٍ مِنَ الذّكرِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تَنَاسَيْتُ، إلاّ بَاقِيَاتٍ مِنَ الذّكرِ | ليالينا بين القرينة والغمر |
وَكمْ زَادَني فيها الهَوَى عَن جِمامِهِ | وَقارَعَني الغَيرَانُ عَن بَيضَة ِ الخِدرِ |
وَذي دَعَجٍ لا نَابِلُ الحَيّ رَايِشاً | ولا باريا يبري من الشر ما يبري |
يقلب لي في محجري ام شادن | تجفل أو يدنو على ذعر |
تلقيت من طرفيه سهما وجدته | يَلَذّ عَلى عَيني وَيُؤلمُ في صَدْرِي |
فيالك من رام اضم سهامه | وَإنْ نِلْنَ مِنّي باليَدَينِ إلى النّحْرِ |
أقُولُ لغَيداقٍ، وَأذْكَرَني الهَوَى | على النأي ما للقلب ويبك الذكر |
تذكرني ما حالت الارض دونه | ألا إنّمَا سَوّلْتَ للدّمعِ أنْ يَجرِي |
وطي الليالي والجديد الى بلى | وَلَيسَ لما يَطوِي الجَديدانِ من نَشْرِ |
وَشَرُّ الرّفِيقَيْنِ الذِي إنْ أمَرْتَهُ | عصَاكَ وَإن ما حُطتَه الدّهرَ لمْ يَدْرِ |
يُقَارِعُني، حتّى إذا كَلّ غَرْبُهُ | نسينا التصافي واندملنا على غمر |
أفي كُلّ يَوْمٍ أنْتَ مَاتِحُ عَبْرَة ٍ | على طلل بالود أو منزل قفر |
وَمُنْتَزِحٍ جَمّاتِ عَينَيكَ رَاجِعاً | الى غزر ماءٍ لا بكئٍ ولا نزر |
أقُولُ: عَزَاءً، وَالجَوَى يَستَفِزّهُ | وَأعيَا الأوَاسِي عَيَّ عَظْمٍ عَلى وَقرِ |
فلما ابى الا البكاء رفدته | بعَيْنَيْنِ كَانَا للدّمُوعِ عَلى قَدْرِ |
وقلت له رد الجفون على القذى | وَخلّ الجوَى يَمرِي من الدّمعِ ما يَمرِي |
قسمن زفير الوجد بيني وبينه | دَوَالَيْكَ أقرِيهِ اللّوَاعِجَ أوْ يَقرِي |
عَشِيّة َ تَغْشَاني مِنَ الدّمْعِ كَنّة ٌ | كَأنّيَ مَرْهُومُ الإزَارَينِ بالقَطْرِ |
فزعت الى فضل الرداء مبادراً | تَلَقّيَ دَمْعي أنْ يَنُمّ عَلى سِرّي |
كَأنّي وَغَيْداقاً طَرِيداً مَخَافَة ٍ | اصابا دما في مالك وبنى النضر |
نُحَلأّ عَنْ ماءِ الحْلولِ وَنَنَثني | على رصف اكباد احر من الجمر |
فاين بنو ام المكارم والندى | وال الجياد الغر والجامل الدثر |
واين الطوال الغلب كانت سيوفهم | فُرَادى عَنِ الأجفانِ للضّرْبِ وَالعَقرِ |
كانك تلقى هجمة الخطب منهم | بزيد القنى أو بالتلمس أو عمرو |
إذا عَدِمُوا أثْرَوْا طِعَاناً، وَغَيرُهمْ | لئيم الغنى يوم الغنى عاجز الفقر |
لهم كل شهقى بالنجيع كما رغى | قَرَاسِيَة ٌ رَدَّ العَجيجَ عَلى الهَدْرِ |
لَهَا رَقَصَاتٌ بالدّمَاءِ، كَأنّمَا | تَشَقّقُ عَن أعرَافِ أحصِنَة ٍ شُقْرِ |
تَلَمَّظُ تَلْمَاظَ المَرُوعِ، وَتَنكفي | جَوَاشنُها من مُظلِمِ الجالِ ذي قَعرِ |
رَمَوْا بجِبَاهِ الخَيْلِ مَأسَدَة َ الرّدى | وسدوا بمربوع القنا طلع الثغر |
وَلَمْ تَدْرِ أَيمَانُ القَوَابِلِ منهُمُ | أسَلّتْ رِجَالاً أمْ ظُبَى قُضُبٍ بُترِ؟ |
هم استفرغوا ما كان في البيض والقنا | فلم يبق الا ذوا اعوجاج والخطر |
بنوها بايام الطعان وما بنت | لتَغْلِبَ أيّامُ الطّعَانِ عَلى بَكْرِ |
يعودون قد ردوا العظيمة عن يد | وَقَدْ أغلَقوا بابَ الطُّلاطِلة ِ البِكْرِ |
وغير الوان القنا طول طعنهم | فبالحُمرِ تُدعَى اليَوْمَ لا بالقنا السُّمرِ |
غدوا سهكى الايمان من صدأ الظبى | وراحوا كراما طيبي عقد الازر |
همُ الحاجبونَ العِرْضَ عن كلّ سُبّة ٍ | إذا طَرَقُوا وَالآذِنونَ عَلى القَدْرِ |
وَهمْ يُنفِدونَ المالَ في أوّلِ الغِنى | ويستأنفون الصبر في اول الصبر |
مليؤن ان يبدوا بذي التاج ذلة | اذا كرموا في طاعة الجود ذا الطمر |
اذا سئلوا لم يتبعوا المال وجمة | ولم يدفعوا في صفحة الحق بالعذر |
مِنَ البِيضِ يَستامُونَ، وَالعامُ كالِحٌ | جدوباً وطمطكارون في الحجج الغبر |
كأنّ عُفَاة َ المَرْءِ ذي الطَّولِ منهُمُ | يَمُدّونَ أوْذامَ الدّلاءِ مِنَ البَحْرِ |
مَغَاوِيرُ في الجُلّى ، مَغابِيرُ للحِمَى | مَفارِيخُ للغُمّى ، مَدارِيكُ للوِتْرِ |
سراع الى الورد الذي ماؤه الردى | اذا ارعد النكس الجبان بلا قر |
وَتَأخُذُهمْ في سَاعَة ِ الجُودِ هِزّة ٌ | فُحولُ الوَغَى بَينَ الزّماجرِ وَالخَطْرِ |
فتحسبهم فيها نشاة وى من الغنى | وهم في جلابيب الخصاصة والفقر |
عظيم عليهم ان يبيتوا بلا يد | وَهَيْنٌ عَلَيهمْ أنْ يُفِيئوا بلا وَفْرِ |
إذا نَزَلَ الحَيَّ الغَرِيبُ تَقَارَعُوا | عَلَيْهِ، فَلَمْ يَدْرِ المُقلَّ من المُثرِي |
يميلون في شق الوفاء مع الردى | اذا كان محبوب البقاء مع الغعدر |
حواقلة مثل الصقور وفتية | إذا مَا حَناني طارِقٌ دَعَمُوا ظَهرِي |
وَما لَطَموا عَن غاية ِ المَجدِ جَبهَتي | بلى خلعوا عنمي لادراكها عذري |
توراك لي في حال يسري فان رأوا | |
هُمُ أنهَضُوني بَعدَمَا قيلَ لا لَعاً | وَهُم أغرَموا الأيّامَ لي ما جنى عَثرِي |
كَفَوْني، وَما استَكفَيتُهمْ من ضرَاعة ٍ | تَرَافُدَ أيدي الأبعَدينَ عَلى نَصْرِي |
تَرَى كُلّ ذَيّالِ العِطَافِ، كأنّمَا | تَفَرّجَ منهُ اللّيلُ عَن قَمَرٍ بَدْرِ |
له رائد يلقاك من قبل شخصه | جلالا كما دل الضياء على الفجر |
يصدع عنه الناظرون كانما | يَرَوْنَ بِهِ ذا لِبْدَتَينِ أبَا أجْرِ |
له عبق يغنينه عن طيب عرضه | سطوعاً من البان المديني والعطرا |
لقَدْ أُولعَ المَوْتُ الزّؤامُ بجَمعِهِمْ | كأن الردى فيهم تحلل من نذر |
وَرَوْا كَبِدِي في آخِرِ الدّهرِ لَوْعَة ً | بما بردوا قلبي على اول الدهر |
مَضَوْا، فكأنّ الحَيّ فَرْعُ أرَاكَة ٍ | على اثرهم عرّي من الورق النضر |
واصبح ورد الدمع للعين بعدهم | عَلى الغِبّ إذْ وِرْدُ الفِرَاءِ على العَشرِ |
وَمَا تَرَكُوا عِنْدَ الرّمَاحِ بَقِيّة ً | لهَزٍّ إلى يَوْمِ العَمَاسِ وَلا جَرّ |
نَبَذْتُهُمُ نَبذَ الإداوَة ِ لَمْ تَدَعْ | من الماء ما يعدى على غلة الصدر |
بقيت معنى بالبقاء خلافهم | وما بيننا الا قديد يمة السفر |
وَأغْدَوْا عَلى آثَارِهِمْ وَوَدادَتي | لو انهم الغادون بعدي على اثري |
وفي الحي بيتي خالفاً وكأنني | من الوجد يورى بين اقبرهم قبري |
كأنّيَ مَغلُوبٌ عَلى نَصْلِ سَيْفِهِ | اقام بلا ناب يروع ولا ظفر |
فَمَا أتَلافَى الغُمْضَ إلاّ عَلى قَذًى | وَلا أتَنَاسَى الوَجْدَ إلاّ عَلى ذِكْرِ |
وَقالوا اصْطَبرْ للخَطبِ، هيهاتَ إذْ مضَى | مُقَوِّمُ دَرْئي، وَالمُعِينُ عَلى دَهرِي |