سَقاها، وَإنْ لمْ يَرْوِ قَلبي بَيانُها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سَقاها، وَإنْ لمْ يَرْوِ قَلبي بَيانُها | وَهَل تَنطِقُ العَجماءُ أقوَى مَعانُهَا |
ضَمَانٌ عَلى قَلبي الوَفَاءُ لأهْلِهَا | وَثَمّ ظِبَاءٌ لا يَصِحُّ ضَمَانُهَا |
عَرَضْنَ بما رَوّى الغَلِيلَ اعترَاضُها | ولا قطع الجمع اللجوج اعتنانها |
وَهَلْ نَافِعٌ أنْ يَملأَ العَينَ حُسنُها | إذاهيَ لمْ تُحسِنْ إلَيْنَا حِسَانُهَا |
تَذَكّرْتُ أيّاماً بذي الأثْلِ بَعدَمَا | تقضى أواني في الصبا وأوانها |
يطيب أنفاس الرياح ترابها | وَيَخضَلُّ مِنْ دَمعِ الغَمائمِ بانُهَا |
ولما عطفت الناظرين بلفتة | إلى الدّارِ خَلّى عَبرَة َ العَينِ شانُهَا |
لَيَاليَ تَثْنِيني عَوَاطِفُ صَبْوَتي | إلى بدويَّات تثنى لدانها |
ولا لذة إلاَّ الحديث كأنه | لآلٍ عَلى جَيْداءَ وَاهٍ جُمَانُهَا |
عَفَافٌ كَمَا شَاءَ الإلَهُ يَسُرّني | وَإنْ سِيءَ مِنْهُ بِكْرُهَا وَعَرَانُهَا |
أألآنَ لَمّا اعْتَمّ بالشّيبِ مَفرِقي | وَجَلّى الدُّجَى عَنْ لِمّتي لَمَعانُهَا |
وَنَجّذَني صَرْفُ الزّمَانِ وَوُقّرَتْ | على الحلم نفسي وانقضى نزوانها |
تَرُومُ العِدا أنْ تُسْتَلانَ حَمِيّتي | وقبلهمُ أعدى عليَّ حرانها |
أنَا الرّجُلُ الألْوَى الذي تَعرِفُونَهُ | إذا نُوَبُ الأيّامِ أُلقِي جِرَانُهَا |
إذا كان غيري من قريشٍ هجينها | فإنّي على رغمِ العدوّ هجانها |
وإن يك فخرٌ أو نضال فإنني | لهَا يَدُهَا طَوْراً، وَطَوْراً لِسَانُهَا |
وإنّي من القومِ الذين ببأسهم | يذلّل من أيامهم حدثانها |
إذا غبروا في الجوِّ ضاق فضاؤه | وَإنْ نَزَلُوا البَيْداءَ غُمّتْ رِعَانُهَا |
فوارس تجري بالدماءِ رماحها | وتفهق بالنيّ الغريض جفانها |
يثور إذا أوفى الصباح عجاجها | ويعلو إذا جنَّ الظلامُ دخانها |
وإنّي لوثَّاب على كل فرصة | تَخيلُ عَلى الرّائي، وَيَخفى مكانُهَا |
سبقت وقفيتم بكل طليعة | على عَقِبي يَلْوِي بهَا هَدَجَانُهَا |
وَمَا كُنْتُ إلاّ كالثّرَيّا تَحَلُّقاً | يَدِفّ عَلى آثَارِهَا دَبَرَانُهَا |
عَصَائبُ ما استَامَ الفَخارَ وَضِيعُها | وَلا استَأنَفَ العِزَّ الجَديدَ مُهانُهَا |
إذا لحظتني أمسكت بأكفها | عَليّ، قُلُوباً دائِماً خَفَقَانُهَا |
فلا هي يوماً فيَّ ينفذ كيدها | ولا ينجلي من غيّها شنآنها |
يُرِيدُ المَعَالي عَاطِلٌ مِنْ أداتهَا | وهيهات من محصوصة ِ طيرانها |
دعوها لمن ربَّاه مذ كان حجرها | وأرضعه حتى استقلّ لبانها |
وَلا تَخطُبُوها بالرّجَاءِ، فما أرَى | تدنس بالبعلِ الدنيّ حَصانها |
رآني بهاء الملك سيفاً عليكمُ | جريء الظبا لا ينثني صلتانها |
فَجَرّدَني مِنْ بَعدِ طُولِ صِيَانَة ٍ | وإنّ مضرّاً بالسيوفِ صيانها |
أفَاضَ، بِلا مَنٍّ، عَليّ كَرَامَة ً | ونقص الأيادي إن يزيد امتنانها |
خَرَجتُ أجُرُّ الذّيلَ منها وَقَد نَزَتْ | قُلُوبُ العِدا مِنّي، وَجُنّ جَنانُهَا |
وليس على زهرِ الكواكب سبُّة | إذا غَضّ مِنْ أنْوَارِها زِبرِقَانُهَا |
وَقَرّبَ لي وَافي العِذارِ تَلَبّسَتْ | بِهِ خُيلاءٌ مَا يَزُولُ افْتِنَانُهَا |
ألاَ إنّ أصناف السيوف كثيرة | وَأقْطَعُهَا هِنْدِيُّهَا وَيَمَانُهَا |
وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَاة ِ شَرِيفَة ٌ | وَأشرَفُها، لَوْ تَعلَمُونَ، سِنانُهَا |
فكيف وأنتم وثبة الليث إذ رمى | تَخَمُّطُها في جَمعِكُمْ وَاستِنَانُهَا |
وكان يسوء السامعين سماعها | فَصَارَ يَهُولُ النّاظِرِينَ عِيَانُهَا |
فمن مبلغ عني الجبان بأنني | أنا المورد الشقراء يدمى لبانها |
وَلَوْ لمْ تُعِنْ كَفّي قَنَاة ٌ قَوِيمَة ٌ | لأجرَى يَنَابيعَ الدّمَاءِ بَنَانُهَا |
بلينا ونحن الناهضون إلى العلى | بزمنى يمنّيها الغرور زمانها |
ذئاب أرادت أن تعازز ضيغماً | فَطَالَ عَلى مَرّ الزّمَانِ هَوَانُهَا |
رأوا فترة منا فظنّوا ضراعة | وتلك بروق غرّهم شولانها |
فكَيْفَ تَعَرّضْتُمْ بِغَيرِ نَبَاهَة ٍ | لصعبة عزّ في يديّ عنانها |
فإن تعتطل يوماً من الدهرِ صعدتي | فقد طال في نحرِ العدوّ طعانها |
وإن تستجمّ النائبات سوابقي | فمن قبل ما بذّ الجياد رهانها |