إيهِ برناسُ هَيكَلُ الشُعَراءِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إيهِ برناسُ هَيكَلُ الشُعَراءِ | وَمصلّى الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ |
لا دهاكَ الفَناءُ بَعد بَقاءٍ | خالِدٌ أَنتَ في ضَميرِ البَقاءِ |
لا رَأى الدَهرُ غارَ رَأسِك يَذوي | بَعدَ هذا النضور هذا البَهاءِ |
إِنَّ غاراً عَلى ذراكَ لمجدٌ | خَلَّدته نَوابِغُ القُدَماءِ |
حكمَةٌ أَنتَ في الوُجودِ وَنورٌ | لِعقولِ الجَهّالِ وَالحُكَماءِ |
سكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال | حُمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعَراءِ |
إيه برناس وَالعَرائِسُ تَشدو | فيكَ أُغنيَّةَ الهَوى وَالرَجاءِ |
سَكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال | حمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعراءِ |
هَيكَلَ الفَنِّ وَالجَمالِ سَلامٌ | وَسَلامُ يا هَيكَلَ البُؤَساءِ |
سَجد المَجدُ تَحتَ قَوسِكَ سكرا | نَ سجودَ الفَقيرِ لِلأَغنِياءِ |
قُل لِأَبنائِكَ الَّذينَ اِستَمَدّوا | شُعلَةَ الوَحيِ مِنكَ كَالكَهرُباءِ |
إِنَّما البُؤسُ في تُرابي ثَراءُ | فَرِدوا المَجدَ من بحارِ ثَرائي |
وَدَعوا الغَيرَ يَبحَثونَ طَويلاً | في وُحولِ الغِنى عَن الإِثراءِ |
فَلَكم من لَآلىء النور كَنزٌ | فَاِنثُروهُ على طَريقِ الإِباءِ |
إِنَّما الشاعِرُ الحَقيقِيُّ قَلبٌ | ذابَ حُبّاً عَلى شُعاعِ الفِداءِ |
هو روحُ من السَماءِ اِستَمَدَّت | حِكمَةَ الفَنِّ من دِماغِ السَماءِ |
هو بانٍ يوَدّ تَقويضَ رُكنٍ | شَيَّدَته مَظالِمُ الزُعَماءِ |
وَبناءُ العَلى عَلى ذلِكَ الرك | نِ وَتِلكَ الأَنقاضِ أَقوى بِناءِ |
هوَ قيثارَهُ الشعور تُناجي | بِنَشيد الأَوتارِ سرَّ الضِياءِ |
فَالضِياءُ الأَكيدُ في مقلَة الشا | عِرِ لا في النُجومِ أَو في ذُكاءِ |
هو نسرٌ لهُ جناحا إِلهٍ | طائِرٌ في مَدينَةِ التعساءِ |
ناثِرٌ دَمعَة العزاءِ عَلى الأَر | ضِ لتَشفي تَعاسَةَ الضُعَفاءِ |
هو روح الخَليل في النجمَة الزه | راء تَمتَصُّ عُنصر الزَهراءِ |
لتروّي بهِ الفُنون وَتحيي | مَيِّت الشِعر في عُروقِ الرُواءِ |
أَي خَليلَ البِلادِ وَفَّيتَ قِسطاً | من فُروضٍ عَلَيكَ لِلعَلياءِ |
فَاِشدُدِ العَزمَ لِلنجاء وَأَكمِل | ذلِكَ الشَوطُ يا رَبيبَ النجاءِ |
ما تَرى في البِلادِ بَعد اِغتِرابٍ | أَسوى البُؤسِ وَالبَلى وَالشَقاءِ |
إِنَّ صَدراً حنَوتَ طفلاً عَلَيهِ | لهوَ صَدرٌ مهشَّمُ الأَعضاءِ |
كلَّ ما في البِلادِ أَمسى غَريباً | شَوَّهتَهُ مناكِلُ الغُرَباءِ |
فَبلبنان أَيمُ المَجدِ ثَكلى | وَهيَ تَبكي مصيبَةَ الأَبناءِ |
هيَ تَبكي الأُلى أَبادَهُم الظُل | مُ وَوارَتهُم يَدُ البَغضاءِ |
بَرِئَت مِنهُم المَظالِمُ لكِن | أَنكَرَت أَنَّهُم مِن الأَبرِياءِ |
شُهداءُ العلى قَضت وَبَقينا | في حَياةٍ كَثيرَةِ الأَدواءِ |
إِن أَطَلَّت من كوَّةِ المَوتِ تبصر | نَزَواتِ الأَرواحِ في الأَحياءِ |
يا قبوراً تربَّعَ الوَحيُ فيها | لَيسَ مَن فيكِ صائِراً لِلفَناءِ |
كلّ جيلٍ يَجثو أَمامك بِالمَج | دِ وَيَرمي عَلَيكِ زهرَ البقاءِ |
يا سَمير الأَبراجِ في مُنتَهى الأَج | واءِ ماذا في مُنتَهى الأَجواءِ |
وَعَذارى الفَضاءِ ماذا أَسَرَّت | لَكَ لَمّا أَضَفتَها في الفَضاءِ |
كلّ لَيلٍ تَزورُها فَتُناجي | كَ طَويلاً في خِدرِها المُتَنائي |
كَيفَ فرجيل وَالمَعرّي وَهو | ميروس في ذلِكَ المَكان الهَوائي |
طَرِبَت بِعَلبَكُّ بِالوَلد البَ | رِّ وَبشَّت لَهُ ثُغورُ الظِباءِ |
وَأَطَلَّت من الهَياكِلِ سكرى | نَظَراتُ الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ |
وَجثا الشعرُ لِلَّصلاةِ جثّو ال | مُؤمِنينَ العُفاةَ وَالأُمَناءِ |
يا نَديمُ الرُؤى عَلَيكَ سَلامٌ | وَسَلامٌ يا سَيِّدَ الشُعَراءِ |