يا غربة الروح في دنيا من الحجر |
و الثلج و القار و الفولاذ و الضجر |
يا غربة اروح لا شمس فأئتلق |
فيها و لا أفق |
يطير فيه خيالي ساعة السحر |
نا تضيء الخواء البرد تحترق |
فيها المسافات تدنيني بلا سفر |
من نخل جيكور أجني داني الثمر |
نار بلا سمر |
إلا أحاديث من ماضي تندفق |
كأنهن حفيف منه أخيلة |
في السمع باقية تبكي بلا شجر |
يا غربة الروح في دنيا من الحجر |
مسدودة كل آفاقي بأبنية |
سود و كانت سمائي يلهث البصر |
في شطها مثل طير هده السفر |
النهر و الشفق |
يميل فيه شراع يرجف الألق |
في خفقه و هو يحثو كلما ارتعشا |
دنيا فوانيس في الشطين تحترق |
فراشة بعد أخرى تنشر الغبشا |
فوق الجناحين حتى يلهث النظر |
الحب كان انخطاف الروح ناجاها |
روح سواها له من لمسة بيد |
ذخيرة من كنوز دونما عدد |
الحب ليس انسحاقا في رحى الجسد |
و لا عشاء وخمرا من حمياها |
تلتف ساق بساق و هي خادرة |
تحت الموائد تخفي نشوة البشر |
عن نشوة الله من همس و من سمر |
في خيمة القمر |
يا غربة الروح لا روح فتهواها |
لولا الخيالات من ماضي تنسرب |
كأنها النوم مغسولا به التعب |
لم يترك الضجر |
مني ابتساما لزوج سوف ألقاها |
إن عدت من غربة المنفى هو السحر |
و الحلم كالطل ميتلا به الزهر |
يمس جفنين من نور و ينسكب |
في الروح أفرحها حينا و أشجاها |
تسللت طرقتي للباب تقترب |
من وعيها و هو يغفو ثم تنسحب |
و نشر الحلم أستارا فأخفاها |
ورف جفناها |
حتى كأن يدي |
إذ تطرق الباب مست منهما واها |
من دق بابي أهذا أنت يا كبدي |
و ذاب من قبلتي ما خلف السهر |
في عينها من نعاس فهي تزدهر |
كوردة فتحت للفجر عيناها |