حكاية قديمة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وربّت أمريكيّة خلت ودّها | يدوم، ولكن ما لغانية ودّ |
صبوت إلى هند فلمّا رأيتها | سلوت بها هندا وما صنعت هند |
وأوحت لها عيناي أنّ صبابة | تلجلج في صدري وأحذر أن تبدو |
فألقت إلى أترابها وتبسّمت | أعي سكوت الصّب أم صمته عمد؟ |
فقلت سلام اللّه ، قالت وبرّه | فقلت : أهزل ذلك القول أم جدّ |
وأمسكت أنفاسي وأزهقت مسمعي | ففي نفسي جزر وفي مسمعي مدّ |
فقالت وددنا لو عرفنا من الفتى | وما يبتغيه ؟ قلت ما يبتغي العبد؟ |
قتيل ولكن ثوبه كفن له | وكلّ مكان يتريح به لحد |
فإن لم يكن من نظرة ترأب الحشا | فردّي عليه قلبه وبه زهد |
فضرّج خدّيها احمرار كأنّما | تصاعد من قلبي إلى خدّها الوجد |
وقرّبها منّي وقرّبني الهوى | إلى أن ظننّا أنّنا واحد فرد |
وكهرب روحينا فلمّا تنهدت | تنهّدت حتّى كاد صدري ينهد |
وكان حديث خلت أنّي حفظته | فأذهلني عنه الّذي كان من بعد |
أمرت فؤادي أن يطيع فؤادها | فيبكي كما تبكي وتشدو كما تشدو |
وقلت لنفسي هذه منتهى المنى | وهذا مجال الشّكر إن فاتك الحمد |
فإن ترعني عنها ، وفيك بقيّة ، | فما أنت نفسي إنّما أنت لي ضدّ |
ومرّت ليال والمنى تجذب المنى | وقلبي ، كما شاءت ، يلين ويشتدّ |
نروح ونغدو واللّيالي كأنها | وقوف لأمر لا تروح ولا تغدو |
رأى الدّهر سدّا حول قلبي وقلبها | فما زال حتّى صار بينهما السّدّ |
خدعت بها والحرّ سهل خداعه | فلا طالعي يمن ولا كوكبي سعد |
وكنا تعاهدنا على الموت في الهوى | فما لبثت إلاّ كما يلبث الورد |
كأنّي ما ألصقت ثغري بثغرها | ولا بات زندي وهو في جيدها عقد |
ولم نشتمل بالليل والحيّ نائم | ولم نستتر بالرّوض واللّيل ممتدّ |
ولا هزّنا شدو الحمائم في الضّحى | ولا ضمّنا بيت ولم يحونا برد |
أإن لاح في فودي القتير نكرتني | أيزهد في الصّمصام إن خلق الغمد |
لئن كان لون الشّعر ما تعشقينه | فدم أبيضا مادمت يا شعري الجعد |
فلا تشمتي منّي فلست بمأمن | ولا تزهدي فيه، فليس به زهد |
هو الفاتح الغازي الذي لا تردّه | عن الفاتح الغازي قلاع ولا جند |
فلو كان غير الشّيب عني صرفته | ولكنّ حكم اللّه ليس له ردّ |
وإن تعرضي عن مفرقي وهو أبيض | فيا طالما قبلته وهو مسودّ |
شفى اللّه نفسي لا شفى اللّه نفسها | ولا غاب عن أجفانها الدّمع والسّهد |
ولا قدّها غصن ولا خيزرانة | ولا خصرها غور ولا ردفها نجد |
ولا وجهها شمس ولا شعرها دجى | ولا صدّها حرّ ولا وصلها برد |
أحبّ إلى نفسي الرّدى من لقائها | وأجمل في عينّي من وجهها القرد |
فإن تلمس الثّوب الّذي أنا لابس | قددت بكفّي الثوب من قبل ينقدّ |
وإن تقرب الدّار التي أنا ساكن | هجرت مغانيها ولو أنّها الخلد |
فإن كان غيري لم يزل دينه الهوى | فإني ، ولا أخشى الملامة ، مرتدّ!! |