حنين ...
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أحِنُّ إلى شَبَحٍ يَلْمَحُ | بِعينَيَّ أطيافُه تَمْرَحُ |
أرى الشَّمْسَ تُشْرِقُ من وجهِهِ | وما بينَ أثوابِه تجنح |
رضيِّ السّماتِ ، كأنَّ الضَّمير | على وَجْهِهِ ألِقاً يَطْفَح |
كأنَّ العبيرَ بأردانهِ | على كلِّ " خاطرةٍ " يَنْفح |
كأنَّ بريقَ المُنى والهنا | بعينيهِ عن كوكبٍ يقدح |
كأنَّ غديراً فُويقَ الجبينِ عن | ثقةٍ في " غدٍ" يَنْضَح |
كأنَّ الغُضونَ على وَجْنَتيهِ | يكنُّ بها نغمٌّ مُفرِح |
كأنَّ بهامتهِ منْبعَاً | من النُور ، أو جمرةً تجدح |
كأنَّ " فَنَاراً " على " كاهل " | يُنارُ بهِ عالَمٌ أفسح |
وآخَرَ شُدَّتْ عليه يدٌ | فلا يَسْتَبينُ ! و لا تُفْتَح ! |
أحنُّ إليهِ بليغَ الصُمُوت | معانيهِ عَنْ نَفْسِها تُفْصِح |
تَفايَضَ منهُ كموجِ الخِضمِّ | أو لحنِ ساجعةٍ تصدَح |
جَمالٌ . وليسَ كهذا الجمال ! | بما بهرَجَتْ زِينةٌ يُصْلَح |
كأنَّ الدُّهورَ بأطماحِها | إلى خِلقةٍ مِثْلِهِ تَطْمَح |
كأنَّ الأمورَ بمقياسهِ | تُقاسُ فتؤخذُ أو تُطرح |
كأنَّ الوجوهَ على ضَوئهِ | نلوحُ فتَحْسُنُ أو تَقبح |
يُداعِبُني إذ تَجِدُّ الخُطوبَ | فأمْزَحُ منها كما يَمْزَح |
يُشَدُّ جَناني بعَزْماتهِ | ودمعي بِبَسْماتهِ يُمْسَح |
ويُبْرِدُ نَفسي بأنفاسهِ | إذا لَفَّني عاصفٌ يَلْفَح |
ويَطْرقُني كلَّما راودَتْ | ضميريَ فاحشةٌ ترشَح |
وكِدْتُ أُطاحُ بإِغرائِها | فأحْدو ركائبَ مَنْ طُوِّحوا |
فيمشي إليَّ وثِقْلُ الشُكوك | مُنيخٌ على النَفْسِ لا يَبْرَح |
وقد أوشكَ الصَّبرُ أنْ يلتوي | ويَكسِرَهُ المُبْهِضُ المُتْرِح |
وحينَ تكادُ شِغافُ الفؤاد | بِسِكّينِ مُطْمِعةٍ تُجْرَح |
وإذْ يُركِبُ النَفْسَ حَدَّ الرَّدى | عِنانٌ من الشرِّ لا تُكبَح |
وإذْ يعْصُرُ القلبَ حُبُّ الحياة! | وكأبوسُ حِرمانها المُفْدِح |
فيرفعُ وجهي إلى وَجهِه | ويقرأُ فيه ويَسْتَوضِح |
فأرجفُ رُعباً كأنَّ الحشا | تَخَطَّفَهُ أجدَلٌ أجدَح |
وأفْهَمُ مِنْ نظرةٍ أنَّني | لشرٍّ فكَرْتُ بهِ أصْلُح !! |
وأنَّ الضَّميرَ بغيٌّ يجيء | لها " الَّليلُ " ما " الصُّبْحُ " يَستقبِح |
وأنْ ليسَ ذلكَ مِنْ دَيْدَنٍ | لِمَنْ هَمّهُ عالَمٌ أصْلَح |
فأنهالُ لثماً على كفّهِ | وأسألُ عفواً وأسْتَصْفِح |
أحِنُّ له : وكأنَّ الحياةَ | خضراءَ مِنْ دونه ، صَحْصَح |
أحِنُّ له : وأحبُّ الكَرَى | لسانحةٍ منهُ قد تَسْنَح |
أحِنُّ له : ليسَ يَقْوَى النَّعيمُ | وكُلُّ لذاذاتهِ مُرْبِح |
ولا كلُّ ما نَهَزَ الناهِزون | من المُمتِعاتِ وما استَنْزَحوا |
ولا كلُّ ما أمَّلَ الآمِلون | ولا مُخْفِقٌ منهُ ، أو مُنْجَح |
لِتَعْدلَ مِنْ ثَغْرهِ بسمةً | بها نَسْمةُ الخْلدِ تُسْتَرْوَح |
فيا ليتني بعضُ أنفاسهِ | لأمْنَحَ مِنْهُنَّ ما يُمْنَح |
ويا ليتني " ذرّةٌ " عندَه | لأسْبَحَ في فَلَكٍ يَسْبَح |
أحنُّ إلى شبحٍ يلمحُ | بعيَنَّي أطيافُه تَمْرَح |