عبادة الشر !..
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دعِ النُبلَ للعاجز القُعْدَدِ | وما اسطعتَ من مَغنمٍ فازْدَدِ |
ولا تُخْدَعَنَّ بقولِ الضِعافِ | من الناس أنّك عَفُّ اليد |
وأنك في العيش لا تقتفي | خطا الأدنياءِ ولا تقتدي |
سفاسفُ تضحك من أمرها | صرامةُ ذي القوةِ الأيّد |
فلا تغد طوعاً لأمثالها | متى ما تُغرَّرْ بها تَنْقَد |
ولا تَبْقَ وحدَكَ في حِطّة | ومهما يكن سلّمٌ فاصعد |
فانك لو كنت محضَ الاباء | ومحضَ الشهامة والسُّودَد |
وأصْدَقُ في القول من هُدْهُدٍ | وأخشنُ في الحق من جلمد |
وأعطيتَ في الخلق طُهرَ الغمام | وفي الفضل منزلةَ الفرقد |
شريفاً تشير إليك الأكفُّ | وتُنْعَتُ بالعَلَمِ المُفْرَد |
لما زاد حظُّك من عِيشة | على حظّ ذي العاهةِ المُقْعَد |
إليكَ النصيحةَ من مُصْطَلٍ | بنار التجارب مُستَحْصِد |
ستطلُبُها عند عضّ الخطوب | عليك بأنيابها الحرّد |
رِدِ العيشَ مزدحمَ الضِفَّتَيْنِ | من الغِشّ ملتحمَ المورد |
ملياً بذي قوة يَسْتقي | وذي عِفّةٍ مستضامٍ صدي |
وجُلْ فيه أروغَ من ثعلبٍ | وأشجعَ من ضيغمٍ مُلْبِد |
وكن رجلَ الساعةِ المجتبَى | من اليوم ما يرتجى في غد |
وإلا فإنّك من منكد | من العيش تمشي إلى أنكد |
ذليلاً متى تمضِ لا يُبتأسْ | عليك وإن تبقَ لا تُنْشَد |
وأنت إذا لم تماش الظروفَ | على كل نقص حريبٍ ردي |
إذا ما مخضتَ نفوسَ الرجالِ | من الأقربين إلى الأبعد |
وأوقفتَ نفسك للمدعين | سموّ المقاصدِ بالمرصد |
تيقنتَ أن الذي يدّعون | من المجد للآن لم يُولَد |
هم الناسُ لا يفضُلون الوحوشَ | بغير التحيُّلِ للمقْصِد |
فلا تأتِ ساحةَ هذي الذئابِ | تُنازِلُها بفمٍ أدرد |
وخذ مخلباً لك من غَدْرَةٍ | وناباً من الكِذْبِ فاستأسد |
ولا تتديَّنْ بغير الرّياءِ | وغَيْرَ النفاق فلا تعبُد |
وصلِّ على سائرِ الموبقاتِ | صلاةَ المُحالِفِ للمسجد |
وما اسطعت فاقطع يد المُعْتَدَي | عليه وقبّلْ يدَ المُعتَدي |
ومجّدْ وضيعاً بهذي الهِنات | تحدّى مكانهَ ذي المَحتِد |
ونفسَك في النفع لا تبلُها | وعَقْلَكَ في الخير لا تُجهِد |
يغطّي على شَرَفِ المنتَمى | ويسحق من عزّة المَوْلِد |
ويقضي على مُطْرِفِ المكرُمات | ويأتي على الحَسَب المُتلد |
مهارشةَ الواغلِ المدّعي | وتهويشةَ المُغْرِضِ المُفسِد |
أقول لنفسي وقد عربدتْ | رجالٌ لغاياتها : عربدي |
ولا تَحْسَبينيَ في مأزِقٍ | قليلَ الغَنا ضيِّقَ المَنْفْد |
وهيهاتَ لا تدركين المنى | بسيرِ أخي مَهَلٍ مُقْصِد |
وإنكِ إن لم تواني الحياةَ | بنفس المخُاطِرِ تُستْعْبَدي |
ولا بدّ أن تقحمي مقحماً | وإلا فلا بد أن تُطْرَدي |
فحِصّةُ مستحفزٍ مجرمٍ | لأشرفُ من حِصّةِ المجتدي |
رأيت المغامر في موقف | به يفْتََدي نفسَهُ المفتدي |
تناوَلُهُ الألْسُنُ المُقْذِعات | ويعصِفُ بالشتم منه الندى |
وحيداً كذي جَرَبٍ مزدَرىً | يروح هضيماً كما يغتدي |
ولم يَطُلِ العهدُ حتى انجلت | كوارثُ ما هنّ بالسرمد |
فكان الأميرَ وكان الزعيمَ | وكان مثالَ الفتى السّيد |
وكان المبَّجلَ عند المغيب | وكان المقَدَّمَ في المشهد |
يَلَذُّ لكلِ فمٍ ذكْرُهُ | متى يجْرِ في مَحْفِلٍ يُحْمَد |
وكان وأمثالُه عبرةً | على ضوئها يهتدي المهتدي |