يا بنت رسطاليس ..
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
قُمْ حِّي هذي المنشآت معاهدا | الناهضاتِ مع النُجومِ خوالدا |
الشامخاتِ أنوُفهن إلى السما | والمطلعاتِ لفرقَدين فَراقدا |
والفاتحاتِ على الخلودِ نوافذاً | والمجرياتِ مع الحياة روافدا |
قم حيِّهنَّ ببعثِ شعب واثقاً | وَتَرضَّهُنَّ بخَلق جيلٍ جاهدا |
جَلَّتْ بُنىً تَلدُ الرجال وقُدست | غُرفٌ تَبوَّأها الخلودُ مقاعدا |
قم حييِّ هذي الموحيات صوامتاً | واستنطِقِ الحَجَرَ البليغ الجْامدا |
واخلَعْ عليهنَّ المواهبَ تُجتلى | لا النثَرَ ، لا الشعرَ المعادَ ، قلائدا |
يا بنتَ رسطاليسَ امُّكِ حرَّةٌ | تلد البنينَ فرائداً وخرائدا |
وأبوكِ يحتضنُ السرير يَرُبُّها | ويقوتُها قلباً وذهنا حاشدا |
مَشَتٍ القرونُ وما يزالُ كعهده | في أمسِ ، " مشاءً " يعودُ كما بدا |
يستنزلُ الخَطراتِ من عَليائها | عُصْماً ويُدني العالمَ المتباعدا |
لم يقتنصنْ جاهاً ولاسامَ النُهى | ذُلاً ، ولا اتخذَ الحريرَ وسائدا |
جلَّ النُهى . الفكر أعظمُ عصمةً | من أنْ يُريدَ وصائفاً وولائدا |
يا بنتَ رسطاليسَ قُصِّي نستمعْ | عن عاشِقيكِ أقارباً وأباعدا |
عن واهبينَ حياتَهم ، ما استُعبِدوا | للشاكرين ، ولم يَذُموا الجْاحدا |
والصاعدينَ إلى المشانق مثلما | ارتَقتِ النُّسورُ إلى السماءِ صواعدا |
ومُحَرَّقين يُغازلون وَقودَها | شوقاً إليكِ ويَحمَدون الواقدا |
والمُسمَلات عُيونُهم ، وكأنهم | بطيُوف شخصك يكحلون مراودا |
قُصِّي فَدَيتُك من لَعوب غَضةٍِ | تَصِفُ القُرونَ مَخابراً ومَشاهداً |
إني وَجدْتُ – وللشبابِ حدودهُ - | أشهى بناتِ الفكر أقصاها مَدى |
فتخلّعي نجدِ الفُهومَ عَوارِياً | وتَبَسمي نجد الفُنونَ نضائدا |
وتطلَّبي نُزْجِ النفوسَ عزيزةً | هَدياً وننتظمُ القُلوبَ قصائدا |
يا بنت رسطاليس لُحتِ " بواسط " | فَنزَلت " حيّاً " بالصبابة حاشدا |
خصبَ الشُعور ستَحَمدين مولَّهاً | من أهله ، ومُغازلاً ، ومُراوِدا |
إيهٍ " بلاسمُ " والمفاخرُ جَمةٌ | أحرزتَ مَنهُنَّ الطريفَ التالدا |
أحرزتَ مجداً ليس ينفدَ ذكرهُ | طولَ المدى وبذلتَ كنزاً نافِدا |
ذكرٌ يظَلُّ بكل خطوٍ يرتَمي | للصف ، او جرَسٍ يُدقُّ معاودا |
خَبِّرْ فقد جُبتَ الحياةَ رخيَّةً | خضراء َ ، لم تكذِبْ لعينك رائدا |
وحَلبتَ من غَفلات دهرِك شطرَها | وَقنَصتَ من مُتع النَعيم الشاردا |
وانسَبْتَ في غُدرُ اللذائذ خائضاً | وخَبَرتَهن مصادِراً ومَواردا |
أعرَفْتَ كالأثر المخلَّدِ لذةً | جازَتْ مخَلِّدها ، فكان الخالدا |
لله درُّك من كريمٍ أنعَشَت | كفّاهُ روحاً من نبوغ هامدا |
نَفَّقتَ من عَذَبات صبيان الحِمى | عِلْقاً بمُنعَرج الأزقةِ كاسدا |
إني وَجدتُ مواهباً مطمورةً | كالزراع أينعَ لمُ يصادفْ حاصدا |
ولربَّ أشعثَ لأغبرٍ ذي هامة | تُلقي على كَتَفيهِ ثقلاَ آيدا |
ألوى به فَقرٌ فنكَّب خطوَة | جَهلٌ فزلَّ عن الفضيلةِ حائدا |
قد راحَ يبعَثُ بالتعاسةِ راحماً | قد كان لولا ذاكَ يرجِعُ حاسدا |
قُتِلَ العُقوقُ ، فكم قَتَلنا نابغاً | بين البُيوتِ ، وكم وأدنا قائدا |
اولاء حمدُك عاقِباً عن عاقبٍ | أتريدُ احسنَ من اولئك حامدا |
سيقولُ عنك الدهرُ : ثَمَةَ ماجدٌ | في الرافدين شأى الكريم الماجدا |
هل غيرُ أن رُمتَ الثناء كما ادعي | نَفَرٌ ، وأن أنْبَهتَ ذكرَكَ عامدا |
مجداً على مجد ، فتلكَ طَماحةٌ | يمشي عليها المجدُ نحوكَ قاصدا |
كذَبوا فان الأكرمينَ طرائدٌ | للمَكْرُماتِ وإنُ حسِبنَ طرائدا |
وإذا صدقتُ فللخلودِ مصايدٌ | أبداً تَلَقَّفُ من أتاه صائدا |
يمشي الكريمُ مع التكرُّم توأماً | صنوٌ يسددُ خطوَ صنوٍ عائدا |
حتى إذا بلغَ الجميلُ أشُدَّه | سارَ الكريمُ إلى المكارم فاردا |
ما كان باللُغزِ الخلودُ وإنما | كان النفوسَ نوازلاً و صواعدا |
هل غيرُ آلافٍ تروحُ كما اغتدت | بيَدى سواكَ طرائقاً وبدائدا |
تغدو إلى مطمورةٍ ، إن لم تَرُحْ | للهوِ دوراً ، والقِمارِ موائدا |
احييتَهُنَّ فكانَ عدلاً ناطقاً | هذا الجمادُ على سمِّكَ شاهدا |
وضممتَهُنَّ لبعضِهنَّ مجْهِّزاً | جيشاً ترُدُّ به الوَباءَ الوافدا |
الجهلَ : اكرمُ ذائدٍ عن موطنٍ | من راحَ فيه عن الجهالةِ ذائدا |
أعطيتَ حقَّ العلمِ أوفاها ندى | ومدَدتَ للتعليم أزكاها يَدا |
فاعطِ المعلمَ يا " بلاسمُ " حقهُ | واعضُدْ فقد عَدِمَ المعلمُ عاضداً |
لو جازَ للحر السُجودُ تعبًّداً | لوُجدتُ عبداً للمعلِّم ساجدا |
للمُتعَب المجهودِ في يَقظاتِهِ | والمرَتعي طيفَ المتاعبِ هاجدا |
والمثُخنِ المجهولِ لم يَنشُد يداً | تأسوا الجْراحَ ولا تَطلَّب ناشدا |
والمستبيحِ عُصارةً من ذهنِهِ | يغذو الألوفَ بها ، ويُحسبُ واحدا |
قل للمعلم راجياً، لا راشداً | كن للشبيبةِ في المزالقِ راشدا |
يا خالقَ الأجيالِ أبدِِعْ خَلْقَها | وتَوَّق بالإبداع جيلاً ناقدا |
سيقولُ عهدٌ مقبلُ عن حاضرٍ | نُشوى عليه : لُعنتَ عهداً بائدا |
ولسوفَ يبرأ عاقبٌ عن أهلهِ | ولسوفَ يَتَّهِمُ البنونَ الوالدا |
قل للشبيبة حينَ يعصِفُ عاصف | ألا يَظلُّوا كالنسيمِ رواكدا |
وإذا اغتَلَتْ فينا مراجلُ نقمةٍ | ألا يكونوا زمهريراً باردا |
هيِّئ لنا نشءاً كما انصَبَّ الحيا | لُطفاً ، ونشءاَ كالزلازل راعدا |
فلقد رأيتُ اللهَ يخلُق رحمةً | مَلَكاً ، ويخلُقُ للتمردِ ماردا |
ومحمداً ما إنْ أهابَ بجيشهِ | يطأ البلادَ روابياً و فدافدا |
ويكُبُّ جباراً ، ويُعلي مُدقعاً | ويُنيرُ خابطةً ، ويُنهضُ راقدا |
لو لم يعبّئ للقيادةِ ثائِراً | حَنِقأً على نُظُمٍٍ بَلينَ وحاردا |
ما إن يروحُ مع الضعيف مُطاوعاً | من لا يروحُ على القويِّ معاندا |
وأذلُّ خلقِ اللهِ في بَلَدٍ طغت | فيه الرزايا من يكونُ محايدا |
نشءٌ يقوِّمُ من زمانٍ فاسدٍ | لا كالزمانِ يكونُ خَلْقاً فاسدا |
عُلِّمْتُمُ فُرْضَ الحسابِ فأنتُمُ | أدرى بِهنَّ فوائداً وعوائدا |
ما إن تُعجِّلُ جيلٍ ناقصاً | إلاّ تحمَّلَ من عناءِ زائدا |
أطلِقْ يدَ التحليل في تاريخهم | حراً ، وفكَّ من العِقال أوابدا |
لابُدَّ من فَهم الحياةِ مَعايباً | ومفاخِراً ، ولذائذاً ، وشدائدا |
جنباً إلى جنبٍ يُتمِّمُ بعضها | بعضاً كما انتظَم الجُمانُ فرائدا |
علِّمْهُ حُبَّ الثائرين من الورى | طُرّاً ، وحُبَّ المخلصينَ عقائدا |
واجْلُ الشٌّعوبَ كرائماً لا تَنتَقِصْ | شعباً ، ولا تَقحَمْ عليه شواهدا |
واجلُبْ له أمسٍ البعيدَ مَراجِعاً | وألِحْ له أمسِ القريبَ مساندا |
أرِه لثورته عِظامَ جماجمٍ | وابعَثْ له زنداً أطنَّ وساعدا |
وإذا تقصَّاكَ الدليلُ مسائلاً | عن أيّ شيءٍ أعقَبَتْ ومناشدا |
فابعثْ له الاشباحَ يشهدْ عندَها | ما يستفِّز مًطالعاً ومُشاهدا |
يشهدْ خيالاً عارياً ومُجَوَّعاً | من أهلهم ومُضايقاً ومُطارَدا |
أصِلحْ بنهجِك منهجاً مُستعبداً | صُنعَ الغريبِ ، على الثقافةِ حاقدا |
قالوا : قواعدُ يبتنيها غاضبٌ | وسْطَ العراق على الكرامةِ قاعدا |
تحتلُّ منه مشارفاً ومَناهلاً | وتَسدُّ منه مسالكاً و منافذا |
ساقَتْ جُيوشَ الموبقاتِ حواشداً | للرافدين مع الجيوشِ حواشدا |
ما كان أهونَ خطبَهُ مستعمراً | لو لم يُقِمْ وسْط العقولِ قواعد |