أرج الشباب...
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ | لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ |
ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم | تَنْدىَ . ومن شهدِ الحياةِ ضريب |
ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ | مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوب |
وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى | أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب |
وتأزمت كُرَبٌ ، وضاقت خطّةٌ | واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب |
سُرُجٌ تنير الخابطين ، وأنْجُمٌ | نغدو على أضوائها وَنَؤُوب |
تتجهّمُ الدُّنيا ، ويعبسُ باسمٌ | منها ، ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب |
حتى إذا ابتسمَ " الشبابُ " تذوُّبَتْ | كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب |
يا عاكفينَ على " الدُّروس " كأنَّهُم | غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب |
والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ | " جَرَسٌ " يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب |
تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم | بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب |
أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ | وجهُ " الكتابِ " وَوُدُّهُ المخطوب |
إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم | وبلا مُجيرٍ ، مُقفِرٌ وجديب |
عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ | أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب |
وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ | منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب |
وَلأْنتُمُ أنْتُمْ – وليس سواكمُ - | أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب |
وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى | للرافدَيْن ، ضمائرٌ وقلوب |
ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا | مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب |
الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما | لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب |
إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ | آجالُنا . وأمضّنا التجريب |
وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ | ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب |
وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما | جَدَّ السُرى ، والشدُّ ، والتقريب |
لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ | ترمي إلى أهدافها وتُصيب |
هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها | وغداً إلى أحضانِكُمْ ستؤوب |
وغداً يُكفَّرُ والدٌ عما جنى | ظلماً على يدِ إبنه ويتوب |
فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ | منكم . وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب |
وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم | قَبَسٌ يشعُّ منارهُ ، مَشبوب |
وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم | غاوٍ .ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب |
وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ | سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب |
فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره | وثرائه ، لطَغامِهِمْ منهوب |
وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ | منهمْ ، وآخرُ بالخنا محجوب |
وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ | أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب |
إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم | فيما هو المقروءُ والمكتوب |
أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم | بين الصفوفِ " معبّدٌ " ورحيب |
ان الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم | منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب |
ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ | اللهُ ، والتعليمُ ، والتدريب |
أضناهُمُ تعبٌ .. وخيرُ مجاهدٍ | مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً " متعوب " |
أأُخيَّ " عبودٌ " ولستَ بمُعوِزٍ | مدحاً . ولكنَّ الجُحودَ مَعيب |
إن كان مسَّك و " الحسينَ " كلالةٌ | أو كان نالكما عناً ولُغُوب |
فلأنتما والشاعرون سويةٌ | كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب |
أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ | يزكو كهذا ، غرسُه ويَطيب |
وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما | فيه ، وأمرُ الخالدينَ عجيب |
لا يحسبون وجودَهم . ووجودُهم | قبلَ الوجودِ ، وفوقه محسوب |