الى السعدون..
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
فيم الوجومُ؟ وجومُكم لا ينفعُ | نَفَذَ القضاءُ وُحمَّ ما لا يُدفَعُ |
فيم الوجومُ؟ أبو عليٍّ قد مضَى | وقد انقضىَ الخيرُ الذي يُتوقَّع |
وقد اختفى رمزُ البطولة ، وانطوتْ | تلكَ المحاسنُ والشمائلُ أجمَع |
الشعبُ محتشِدٌ هنا يتسمَّعُ | ماذا يقولُ الشاعرُ المتفجِّع |
احذرْ لساني أن تكونَ مقالةً | ليست تَليقُ به فانكَ تُقطَع |
يا سادتي أما اللسانُ فواهنٌ | متلجلجٌ فَلْتُلْهِبَنْكُمْ أدمُع |
يعتاقُ إبدعي ارتباكُ عواطفي | فاذا مَلكتُ عواطفي فسأُبدِع |
وستَحمَدون قصائداً مهما عَلَتْ | قَدْراً فَقدْر أبى عليٍّ أرفَعَ |
أُمُّوا ضريحَ أبي عليٍّ واكشِفوا | فيه الرؤوسَ وفي الشدائد فافزَعوا |
وإذا ألمَّتْ بالبلاد مُصيبةٌ | فتوَّسلوا بزعيمها وتضرعَّوا |
قولوا له يا مَن لأجل بلادِه | هَدْراً مضى : ان البلادَ تُروَّع |
هذا الضريحُ ضريحُ أمةِ يَعرُبٍ | فيه خِيار خِصالِها مُتجَمِّع |
أن كنتُ لم أسْجُدْ ولم أركَع فما | قَدْري ركعتُ عليكَ أولا أركَع |
فسَيركعُ التاريخُ فوقَك كلُّه | وسيركَعُ الوَطنُ الذي بك يُمنَع |
وسَيركعُ الجيلُ الذي شرَّفتَه | وتمرُّ أجيالٌ عليكَ وتَركَع |
ولسوف تركَع نخوةٌ ورويَّةٌ | وشهامةٌ وصراحةٌ وتَمنُّع |
للموتِ فلسفةٌ وَقفتُ ازاءَها | مُتخشِّعا وبرغم أنفي أخشَع |
أيموتُ شَهْمٌ تستظل بخيره | دنيا ، ويبقى خاملٌ لا ينفع |
ناشدتُهُمْ وقد اعْتْلَيتُ حَفيره | أأبو علي وَسْطَ هذا مُودَع |
أو تهزأون بقدرِه ما هذه الاحجارُ | ما هذي الصخورُ الاربَع؟ |
أهُنا ينامُ فتىً يُهابُ ويرتَجَى | أهُنا يعاف فَتىً يَضرُّ وينفَع |
إنهضْ فُدِيتَ " أبا عليٍّ " وارتجلْ | بين الجمُوعِ قد استَتَمَّ المَجْمَع |
واسمعْ تُشَرِّفْ باستماعِكَ قِيلَتيِ | أسفاً وأنكَ مَيِّتٌ لا تَسَمع |
ماذا فَعَلتَ لقد أتَيتَ عظيمةً | ينبو الأريبُ بها ويَعيَا المِصقَع |
وافتْ مروِّعةٌ فهوَّنَ خطبَها | وأتت أناساً هادئينَ فرُوِّعوا |
أعلِمتَ إذ اطلقتَها نارّيةً | ما أنتَ بالوطن المفدَّى تصنَع |
وإذ انتزَعْتَ زنادَهُ مُستَوريا | عن أيِ ثُكلٍ للمُواطِنِ تُنزَع |
با مِدفعَ الأبطالِ أنَّك حاملٌ | من كانَ ينهضُ حينَ يعجَزُ مِدفَع |
من خاصَ أمواجَ السياسةِ رافعاً | رأساً ورُبَّ مخاضةٍ لا تُرفَع |
يمشي إليها بالرؤيةِ مدركاً | بالشِبرِ ما لا تَستطيعُ الأذرُع |
يكفيك من أبناء شعبِك غَيرَةٌ | حمراءُ ان صنَعوا الذي لم يصنَعوا |
نِصفانِ بَغدادٌ فنِصفٌ مَحشَرٌ | ساحاتهُ اكتضَّتْ ونصفٌ بَلقع |
متماوجُ الأشباحِ حزناً ما به | الا حشاً دامٍ ووجهٌ أسفَع |
مَرصودةٌ ستُّ الجهات لساعةٍ | نكراءَ محسودٌ بها المتطلِّع |
وتوجَّعَ الملكُ الهمامُ ولم يكُنْ | إلا لأعظمِ حادثٍ يَتَوَجَّع |
وانقضَّ فوقَك كالعُقابِ وأنَّه | لسواكَ عن المامةٍ يترَففَّع |
وهفا فؤادٌ كالحديدِ على وأسبَلَت | عينٌ تُفاخر أنها لا تدمَع |
ولقد يَعِزُّ على المليك وشعبِهِ | والمشرقينِ نجيعُك المتدَفِّع |
لا يرتضي الوطنَ الذي فَدَّيتهَ | بالنفس أن تَدمَى لكفك اِصبَع |
هِبَه العروبة للبلادِ أهكذا | مُستدمياً متظلِّماً تُستَرجع |
تأريخُ شَعبٍ سُوِّدَت صفحاتُهُ | فاتى فبيَّضَهنَّ هذا المَصرعَ |
هذي الرجولةُ ضُيِّعَتْ ممنوحةً | واليوم يُعرَفُ قدرُها إذ تُرفَع |
حصَدَت خصومُك حسرةً وخجالةً | حتى لودّوا أَنهم لم يزْرَعوا |
كانت حياتُك للبلاد منافعاً | جُلََّّى وأنك في مماتك أنفَع |
غيرتَّ راهنةَ الأمور بطلقةٍ | مستقبلُ الأوطان منها يَلمَع |
يُنسى دويُّ مدافعٍ وعواصفٍ | وأزيزُها حتى القيامةِ يُسمَع |
ووقَفتَ أقطابَ السياسة موقفاً | يرتدُّ حيراناً به المتضلِّع |
يتساءلون بأي عُذرٍ نختفي؟ | عن شعبنا وبأيِ وجهٍ نَطلُع |
واسترجعوا أحكامَهم مرفوضَةً | ناسٌ بحكمهمُ عليكَ تسرَّعوا |
غَطَّى على المتبرعينَ مُبجِّل | بحياتِه لبلادِه يتبَّرع |
قولوا لأشباه الرجالِ تصنعاً | إلّا تكونوا مثلهُ فتقنَّعوا |
لا تُزعجونا بالتشدُّقِ اننا | بسوى التخلص منكمُ لا نقنع |
قد يدفع الدمُ ما يحيق بأهله | فاذا صدقتُم بادعاءٍ فادفَعوا |
أما كتابُك فهو أفَضلُ ما وَعى | واعٍ وخزيُ معاشرٍ إن لم يَعُوا |
طِرْسٌ على التاريخ يَفخَر أنه | من كلّ ما يَحوي أجلُّ وأرفَع |
دستورُ شَعبٍ لا يُمَسُّ وشِرعةٌ | هي فوقَ ما سنَّ الرجال وشرَّعوا |
هذي الوصيةُ ذخرُهُ ان أعوزَتْ | طيارةٌ وبنادقٌ ومُدرَّع |
مَشَتِ الأناملُ هادئاتٍ فوقَها | والموتُ يمشي بينَهنَّ ويُسْرِع |
قرَّعت شعبَك ان يَعُقَّك ، مرحباً | بأبي البلاد على العُقوق يُقرِّع |
وشكوتَه أن ليسَ يسمعَ ناصحاً | نمْ هادئاً ان البلادَ ستسمَع |