أطبق دجى !
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أطْبِقْ دُجى ، أطْبِقْ ضَبابُ | أطْبقْ جَهاماً يا سَحابُ |
أطبق دخانُ من الضمير | مُحَرَّقاً أطبق ، عَذاب |
أطبق دَمارُ على حُماةِ | دمارِهم ، أطبق تَباب |
أطبق جَزاءُ على بُناةِ | قُبورِهم أطبق عِقاب |
أطبق نعيبُ ، يُجِبْ صداكَ | البُومُ ، أطبق يا خَراب |
أطبق على مُتَبلِّدينَ | شكا خُمولَهمُ الذُّباب |
لم يَعرِفوا لونَ السماءِ | لِفَرْطِ ما انحنَت الرقاب |
ولفرطِ ما دِيسَتْ رؤوسهمُ | كما دِيسَ التراب |
أطبق على المِعزى يُرادُ | بها على الجوعِ احتِلاب |
أطبق على هذي المُسوخ | تَعافُ عيشتَها الكلاب |
في كلّ جارحةٍ يلوحُ | لجارحٍ ظُفرٌ وناب |
يجري الصدِيدُ مِن الهوانِ | كأنه مِسكٌ مُلاب |
أطبق على الدِيدانِ | ملَّتها فَيافيكَ الرِّحاب |
أطبق على هذي الوجوه | كأنها صُوَرٌ كِذاب |
المُخرَساتُ بها الغُضونُ | فلا سؤالَ ولا جواب |
بُلهاً تدورُ بها العيونُ | كأنَّ صحصَحَها سَراب |
ملَّ الفؤادُ من الضمير | وضجَّ بالرُّوح الإِهاب |
أطبقْ على مُتفرقّينَ | يَزيدُ فُرْقَتَهم مُصاب |
يتبجَّحونَ بأنّ إخوتَهم | يحُلُّ بهم عَذاب |
ندِموا بأنْ طلبوا أقلَّ | حقوقهم يوماً فتابوا |
وتأوَّبوا للذلِّ يأكل رُوحَهم | نِعْمَ المآب! |
أطبق على هذي الكرُوشِ | يَمُطُّها شَحْمٌ مُذاب |
مِن حولِها بقرٌ يَخورُ | وحولَه غَرثى سِغاب |
أطبق إلى أنْ ينتهي | للخاطبينَ بكَ احتِطاب |
أطبق على مُتنَفِّجينَ | كما تَنفَّجت العِياب |
مستنوقِينَ ويزأرونَ | كأنهم أُسْدٌ غِلاب |
يَزهوهمُ عَسَلٌ ويُلهيهم | عن العلياءِ صاب |
يَمشي مِن الأمجاد | خَلْفَهُمُ بميسَرةٍ رِكاب |
فاذا التقت حَلَقُ البِطانِ | وجدَّتِ النُوبُ الصِّعاب |
خفَقَت ظِلالُهم وماعوا | مِن نُعومَتِهم فذابوا |
ونَجَوا بأنفُسِهمْ وراحت | طُعمَةَ النارِ الصحاب |
أطبق دُجى ، لا يَنْبَلِجْ | صُبْحٌ ولا يَخْفِقْ شِهاب |
أطبق فتحتَ سماكَ | خَلقٌ في بصائرهِ مُصاب |
لا ينفتحْ – خوفاً عليه - ! | مِن العمى للنور باب |
أطبق إلى يومِ النشور | ويومَ يكتملُ النصاب |
أطبق دُجى حتَّى يقئَ خُمولَ | أهلِ الغاب غاب |
أطيق دُجى : حتى يَمَلَّ | من السوادِ بهِ الغُراب |
أطيق دُجى : حتى يُحَلِّقَ | في سماواتٍ عُقاب |
غضبانَ أنْ لم تحمِ أعشاشاً | لها طير غِضاب |
أطبق دُجى : يَسْرَحْ | بظلّك ناعماً عار وعاب |
من لونك الداجي رِياءٌ | وارتياعٌ وارتياب |
يا عِصمةَ الجاني ويا | سرحاً تلوذُ به الذئاب |
يا مَن مشتْ بدمائها | فيه الخناجرُ والحِراب |
يا مَن يضِجُّ من الشرورِ | الماخراتِ به العُباب |
يا مَن تَضيقُ من الهوام | الزاحفاتِ به الشعاب |
كُن سِتْرَ مُجرمِةٍ تهاوَتْ | عن جريمتِها الثباب |
أطبق : فأين تفِرُّ إنْ | تُسفرْ وينحدرِ النِقاب؟! |
هذي الغَباوات الكريمةُ ! | والجمودُ المُستطاب ! |
هذا النفاقُ تَرُبهُ | صُحُفٌ ويُسْمِنُه كِتاب! |
أطبق دُجى ، حتى تجولَ | كأنها خيلٌ عراب |
هذي المعرَّات الهِجانُ | لها لظُلمتِك انتساب |
أطبق : فأنتَ لهذه السوءاتِ | - عاريةً – حجاب |
أطبق : فأنت لهذه الأنيابِ | - مُشحذةً – قراب |
أطبق : فأنت لهذه الآثامِ | شامخةً - شباب |
أطبق : فأنت لصِبغةٍ منها إذا | نصَلَتْ خِضاب |
كُنْ سِتْرَها لا يَنبلِجْ | صُبحٌ ولا يَخْفِقْ شهاب |
أطبق دُجى : أطبق ضَباب | أطبق جَهاماً يا سحاب ُ |