أرشيف المقالات

إلى عشاق كرة القدم !

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
  بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نور الهدى والرحمة المهداة...
فهذه رسالة قصيرة موجزة أبعث بها لكل من صارت كرة القدم شاغله الشاغل وهمه الأول. وبادئ ذي بدء اقدّر دور الرياضة في حياتنا اليومية… فمن منا ينكر دور الرياضة الهام في بناء الأجسام وفي حفظ الجسم من الترهلات والتخمة وكذلك في تهذيب النفوس وأيضا في اللهو المباح؟، ولقد كتب عمر -رضي الله عنه- إلى الشام: "علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية" وذلك خير دليل على اهتمام الإسلام بالرياضة .   أقول: (الرياضة)، وليس (اللعب)، فالفارق شاسع بين "الرياضة" التي تُعنى بتقوية وبناء الجسم، وبين "الألعاب" التي هدفها الأساسي هو الترفيه، والتشجيع السلبي من المدرجات! وكما تري فالسباحة والرماية والفروسية، كلها رياضات هادفة، تهدف لبناء الجسم وتقويته كي يكون المسلم سليم البنيان قوي التحمل. وأعتقد أن كرة القدم انتقلت من كونها رياضة مفيدة مسلية، وأصبحت لعبة جافة، يكتفي الناس بمجرد التشجيع الأعمى من المدرجات أو من خلف شاشات التلفاز ولا يبذلون فيها أي مجهود رياضي حقيقي.  
ولا شك أن لممارسة الرياضة قواعد إسلامية اعتقد أننا لا نطبقها في مشاهدتنا للعبة لكرة القدم...
أهمها: 1- ستر العورة (وعورة الرجل من السرة إلى الركبة).
وكم أتعجب من بعض الرجال، تراه يشاهد مباراة كرة القدم في المنزل ويترك زوجته وبناته يشاهدون لاعبي كرة القدم وهم مكشوفي العورة!، وأتعجب أكثر من منظر صار شائعاً هذه الأيام: لاعب الكرة بعد أن يحرز هدفا يهرول إلى حافة الملعب حيث يقوم حسب اعتقاده (بالسجود شكراً لله)! ألم يخبره أحد أن سجدته لا تصح لأن عورته مكشوفة!. 2- عدم الانشغال عن العبادة.
فهل يوقفون مباريات كرة القدم وقت الصلاة؟! وكم تجد عدد المصلين في المسجد وقت (مباراة القمة)؟!
ملايين في الهواء
بأي حق ينفقون ملايين الدولارات في شراء لاعبين محترفين وجلب مدربين يسمونهم (عالميين) و إعداد ملاعب الكرة) وكذلك في عقد معسكرات مغلقة قبل البطولات؟ بأي حق يبعثرون هذه الأموال في نفس الوقت الذي تشتكي فيه أغلب الدول الإسلامية
والعربية من الفاقة و تزايد البطالة؟.
مناقشات فارغة
وأشاهد مصادفة برامج حوارية متلفزة… فأرى وجوهاً متعصبة تتناقش بحرارة وانفعال...
فأستبشر خيراً وأرفع مستوى صوت التلفاز… أقول: "ربما يتحدثون عن حال الأمة العربية وسبل عودة الروح للجسد العربي الواهن"، فأفاجأ بأن المناقشة تدور حول مباراة كرة قدم محلية! وهل الهدف صحيح أم لا؟! وهل كان الحكم متحيزاً أم عادلاً منصفاًَ؟! وهل كان التسلل واضحاً أم فيه شكوك؟!.
ولو أنهم ألقوا مجرد نظرة على صحف الصباح الحزينة لعرفوا أن ثمة تسلل أوضح...
بدأ بفلسطين ثم الشيشان وأفغانستان ثم وصل إلى العراق… كما تسلل إلى بيوتنا الآن عبر وسائل أخرى ليست عسكرية منها: قنوات فضائية مريبة...
وأقلام علمانية!
ولو أنهم تفكروا قليلا، لوجدوا أننا فعلا نواجه حكماً شديد التعصب يرفع في وجوهنا دائما كارت (الفيتو)… هو في الواقع ليس حكما..
ولكنه عدو مبين!.
تعصب مذموم
واسمع عمن راح ضحية نوبة قلبية لأن فريقه انهزم في مباراة! و أفاجأ بزميلين وقد تشاجرا وتخاصما… بسبب التعصب الكروي.
لا حول ولا قوة إلا بالله...
وأفتش فلا أجد أحداً قد تعصب لـ (فاطمة العراق) أو غيرها من مئات العراقيات المعتقلات في سجن (أبو غريب)، ألم يستنجدن بالعرب المسلمين وصرخن مستجيرات بالنخوة العربية؟، ولكن عفواً فالنخوة العربية مشغولة حاليا للغاية، فمباريات كأس العالم على الأبواب!.
هذا يتوقف قلبه عن النبض لمجرد هدف أصاب مرمى فريقه المفضل وذلك يعتبر سب ناديه المفضل إهانة لشرفه، بينما لا عين تدمع ولا قلب يشفق ولا نخوة تستثار لهتك عرض المسلمات المستضعفات!.
ويتساءلون عن الانتماء!
وتجدهم يطالبون الشباب بالانتماء: "ويا شباب أين الانتماء للوطن"!! بالله عليكم تخيلوا شاباً مسكيناً يجلس على الرصيف بعد أن أعياه البحث عن وظيفة شريفة، فيفاجأ بلاعب كرة وقد وصل ثمنه آلاف الآلاف، ومدرب المنتخب الوطني يتقاضى آلاف الدولارات (ليس سنويا بل شهريا)!، ولاعب محترف (غالبا ما يكون على غير ديننا) وقد وصل راتبه الشهري 30 ألف دولار!!! ومناقشات تليفزيونية حامية (ليست عن مشكلة بطالة الشباب ولكن عن مباراة القمة)!! أي قمة ونحن نلعق تراب السفح؟! وبعد ذلك يتساءلون: (أين انتماء الشباب؟)،وبعد ذلك يتساءلون: (لماذا ينحرف الشباب؟؟).
سؤال صغير: ما فائدة كرة القدم؟؟
وثمة سؤال بسيط طالما سألته لنفسي وودت لو سألته لكل (كروي): ما هو أقصى أمنياتك بالنسبة للكرة العربية؟
ستقول الوصول لكأس العالم...
حسنا… لنفرض أن الكرة العربية تقدمت وازدهرت ووصلت لكأس العالم بل وحصلت فعلاً على هذه الكأس بل وكل بطولات العالم في كل اللعبات! فهل لهذا أهمية؟؟ وما هي الفائدة التي ستعود علينا -كمسلمين- من هذا؟   لو كان عندكم قليل من العقل لنظرتم إلى البرازيل والأرجنتين -إنهما من أفضل الدول التي تمارس الكرة عالمياَ أليس كذلك؟؟؟- هل تعرفون الوضع الاقتصادي والسياسي (البالغ السوء) الذي تعيشانه؟!.
  أما في الآخرة..
وما بالكم في الآخرة؟..
فستقف بين يدي ربك… وسيسألك عن عمرك، وعن وقتك، و عن شبابك، وعن مالك..
  فماذا ستجيبه؟ ستقول له: يا رب "مالي" أنفقته في الإعداد لكأس العالم، "ووقتي" أنفقته على التدريبات الكروية، "وعمري" كان في متابعة الفرق المنافسة، "وشبابي" كان كروياً، "وعملي" أنى كنت "أشد الرحال" مهرولاً خلف فريقي المفضل حتى حصلت على كاس العالم لكرة القدم!
وسأتركك تتأمل حالك يومها أمام الله!     فلنعد كرة القدم إلى حجمها الطبيعي، رياضة عادية نمارسها وقت اللهو المباح، ولنصرف اهتماماتنا نحو قضايانا المصيرية.


شارك الخبر

ساهم - قرآن ١