المآسي في حياة الشعراء
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رَبَأتُ بنفسي ان تظل كما هيا | تُرَجِّي سراباً او تخافُ دواهيا |
واكبرتُ أني لا ازالُ دريئة | يجرب فيها المُغرضون المراميا |
نظائرُ مما احكم الغدرُ نسجَها | تذكِّرُني ما كنتُ بالأمس ناسيا |
تجاريبُ لم أنعُم بعُقبى احتمالِها | على أن عندي غيرَها ما كفانيا |
فلم ألف من خيرٍ ونُصح مُعوِّضاً | لأحمدَ عن شَرٍّ وغدرٍ جوازيا |
كَفَى مُخبراً بي ان تكونَ مطامحي | مباهجَ أقوام تجيءُ ورائيا |
ولم أرَ الا انني غيرَ منطوٍ | على خِسّة لما ابتغيتُ الدواعيا |
إذا ما أدَرت الفكر فيما ارومُه | وما أبتغيه ان يكون مثاليا |
وفي حالةٍ أُرغِمتُ ان أصطلي بها | مُحَلِّقَ نفسٍ عاثرَ الجد كابيا |
رثَيتُ نفوسَ الشاعرين طموحةً | أريدُ لها ان تستَذلَّ جواثيا |
عجِبْتُ لشعبٍ يُنجبُ الفَرد نَابغاً | حريقاً ، حصيفاً ، واثب النفس واعيا |
يريد له نهجاً من المجد لاحِباً | وعصراً به يشأى العصورَ الزواهيا |
يُزيل الشباب الرِخوَ عن مُستقرِّهِ | ويدفعه دفعَ الأتيِّ الجواريا |
ويرهق بالتفكير نفساً عزيزةً | ليُعتِقَ رِقّاً او ليُرشدَ غاويا |
ويستنهض الارواحَ غُفلاً مؤثِّلاً | قوادِمَه من شعره والخوافيا |
له كلَّ يوم قطعةٌ من فؤادِه | يُساقطها للناشئين قوافيا |
ولا سائلٌ عن ليلة كيف باته | ولا كيف لاقى الصبحَ اسودَ داجيا |
تشكَّى الطموحَ من مُحيطٍ أجاعه | فاطعمتُه غُرَّ القوافي دواميا |
وما هي بالشكوى ولكن أثارة | وقد يُحسَب الليثُ المزمجرُ شاكيا |
لعَنْتُ الضميرَ الحرّ لعنةَ غاضبٍ | رأي الغُنْم محموداً فذمَّ التفاديا |
لقد كنتُ عما اصطلي في كِفاية | لو انيَ كنتَ المستغِلَّ المُحابيا |
وقد كنت في بحبوحة لو عَدِمتُه | شعوراً حباني العُدمَ فيما حبانيا |
لعمريَ أني سَوف اختطُّ خُطّة | تُضاعف دائي أو تكونُ دوائيا |
وسوفَ أُري الايامَ نقمةَ حاقدٍ | اذا ما تقاضاها أساءَ التقاضيا |
وما أبتغي رَدَّ العوادي منيخةً | على يدِ من يُزجِي إليَّ العواديا |
ولكن بكفٍّ علَّمَ الزندُ كفَّها | مُقارعَةً او يسقطُ الزندُ واهيا |
ألا هل أراني مُرسِلاً في شكيمتي | تُصرَّف كفّي كيف شاءت عنانيا |
اذنْ لاستشَفَّ الناسُ نفساً تجلببتْ | غباراً يغطي اقتمَ الريشِ بازيا |
وجدتُ دواءً في الصراحة ناجعاً | إذا افتَقَدتْ نفسي طبيباً مُداويا |
وقد كان سِلمٌ في التغابي وراحةٌ | بقلبي لو أنّي أطَقتُ التغابيا |
حباني العراق السمحُ أحسنَ ما حبا | به شاعراً للحق والعدل داعيا |
وجاء كما استمطرتُ في الصيف مزنةً | وعيشاً كما اسأرتُ في الكأسِ باقيا |
وعيشاً إذا استعرضته قلت عنده : | " كفى بك داء ان تَرىَ الموت شافيا" |
وأوعدني بعد المماتِ احتفاءةً | يجوِّدُ فيها المُنشدون المراثيا |
وحَفْلاً ترى فيه اكُفّاً تعجَّلَت | ظِمائيَ تستسقي عليّ الغواديا |
وتلك " يد " أعيا لساني وفاؤها | فاوصيتُ اولادي بها وعياليا! |
وان " فراتاً " للكفيءُ بشكرها | اذا مِتُ فليردُدْ عليها العواديا |
مَضَت زَهرةُ العمر التي يحسبونَها | هي العمرُ لا عُوداً مع الشيب ذاويا |
وراجعت في هذا السجل فصولَه | اقلِّبُ اياماً به ولياليا |
أحاسِب نفسي كيف ألفَتْ يبيسة | ضروعاً سقت وغداً ، وغِرّاً ، وجافيا |
وعما أفادت من بلادٍ تكالَبَتْ | على الغُنم ، وارتدَّت سِباعاً ضواريا |
الم تجِدي والدهرُ نشوانُ طالِعٌ | على الناس بالأفراح إلاّ المآسيا |
يقصُّون احوالََ الحياة تمتُّعاً | وأنتِ تقصيِّن الحياة أمانيا |
ولمّا أبَتْ عُذراً يقوم بحالها | مَضَت تدَّعي إن لم تُجَلبَبْ مخازيا |
محاذيرُ يسترضي المغرِّرُ نفسَه | بها ويُخلِّيها جَسورٌ تحاشيا |
ولا خيرَ في بَغيٍ تحاول نيلَها | إذا لم يُنهِكْ بيِّنَ البطش عاتيا |
ولم يَعدُ في قصدي ولا سدَّ مذهبي | ولم يُنهِكْ الصبرَ المملِّ اعتزاميا |
لئن كرهتْ مني الحضارةُ ناقماً | فقد حَمِدتْ مني البداوةُ باديا |
صَبوراً على بأسائِها لا يخالُها | اشدَّ أذى من أن يُداري اعاديا |
ولكنَّني آسَي لأخلاق عصبة | تعُدُّ المزايا الطيباتِ مساويا |
ترى كل مَرهوبِ الشَذاة عدوَّها | وكلِّ رخيِّ العودِ خِلاٍّ مُصافيا |
وهذا بلاء يُمطر الشرَّ منذراً | وهذا وباءٌ يَجرف الشَعب غاشِيا |